الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في التسعير

                                                                                                          1314 حدثنا محمد بن بشار حدثنا الحجاج بن منهال حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة وثابت وحميد عن أنس قال غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله سعر لنا فقال إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح [ ص: 452 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 452 ] قوله : ( غلا السعر ) بكسر السين ، وهو بالفارسية نرخ أي : ارتفع السعر ( سعر لنا ) أمر من التسعير ، وهو أن يأمر السلطان ، أو نوابه ، أو كل من ولي من أمور المسلمين أمر أهل السوق أن لا يبيعوا أمتعتهم إلا بسعر كذا فيمنع من الزيادة عليه ، أو النقصان لمصلحة ( إن الله هو المسعر ) بتشديد العين المكسورة قال في النهاية : أي : إنه هو الذي يرخص الأشياء ويغليها ؛ فلا اعتراض لأحد ، ولذلك لا يجوز التسعير . انتهى ( القابض الباسط ) أي : مضيق الرزق ، وغيره على من شاء كيف شاء وموسعه ( وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة ) قال في المجمع مصدر ظلم واسم ما أخذ منك بغير حق ، وهو بكسر لام وفتحها ، وقد ينكر الفتح . انتهى ، وقد استدل بالحديث ، وما ورد في معناها على تحريم التسعير وأنه مظلمة ووجهه أن الناس مسلطون على أموالهم ، والتسعير حجر عليهم ، والإمام مأمور برعاية مصلحة المسلمين ، وليس نظره في مصلحة المشتري برخص الثمن أولى من نظره في مصلحة البائع بتوفير الثمن ، وإذا تقابل الأمران وجب تمكين الفريقين من الاجتهاد لأنفسهم وإلزام صاحب السلعة أن يبيع بما لا يرضى به مناف لقوله تعالى إلا أن تكون تجارة عن تراض وإلى هذا ذهب جمهور العلماء ، وروي عن مالك أنه يجوز للإمام التسعير ، وأحاديث الباب ترد عليه وظاهر الأحاديث أنه لا فرق بين حالة الغلاء ، ولا حالة الرخص ، ولا فرق بين المجلوب ، وغيره وإلى ذلك مال الجمهور ، وفي وجه للشافعية جواز التسعير في حالة الغلاء ، وظاهر الأحاديث عدم الفرق بين ما كان قوتا للآدمي ولغيره من الحيوانات ، وبين ما كان من غير ذلك من الإدامات وسائر الأمتعة . قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه أبو داود ، وابن ماجه والدارمي وأبو يعلى ، والبزار ، قال الحافظ : وإسناده على شرط مسلم ، وصححه أيضا ابن حبان ، وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد ، وأبو داود قال : " جاء رجل فقال : يا رسول الله سعر . فقال : بل ادعوا الله ، ثم جاء آخر فقال : يا رسول الله سعر . فقال : بل الله يخفض ويرفع " قال الحافظ : وإسناده حسن ، وعن أبي سعيد عند ابن ماجه والبزار والطبراني ورجاله رجال الصحيح ، [ ص: 453 ] وحسنه الحافظ وعن علي عند البزار نحوه وعن ابن عباس عند الطبراني في الصغير ، وعن أبي جحيفة في الكبير ، كذا في النيل .




                                                                                                          الخدمات العلمية