الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        [ ص: 5125 ] كتاب الرواحل

                                                                                                                                                                                        النسخ المقابل عليها

                                                                                                                                                                                        1- (ف) = نسخة فرنسا رقم (1071)

                                                                                                                                                                                        2- (ت) = نسخة تازة رقم (234& 343)

                                                                                                                                                                                        3- (ر) = نسخة الحمزوية رقم (110)

                                                                                                                                                                                        [ ص: 5126 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 5127 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                        وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما

                                                                                                                                                                                        كتاب الرواحل والدواب

                                                                                                                                                                                        باب في من باع عبدا وأكرى راحلة في عقد واحد

                                                                                                                                                                                        ومن باع راحلة واستثنى منها ركوبا، أو اكترى راحلة يركبها بعد شهر أو شرط الخيار، والبيع والإجارة في عقد جائز، فإن بيع عبد وركوب راحلة بعينها أو بغير عينها صفقة واحدة - جاز.

                                                                                                                                                                                        ثم هما في الثمن على أربعة أوجه: إما أن يشترطا نقده، أو تأخيره، أو نقد بعضه وتأخير بعضه، أو لا يشترطا شيئا. [ ص: 5128 ]

                                                                                                                                                                                        فإن اشترطا نقده جاز، وسواء كان الركوب مضمونا أو معينا.

                                                                                                                                                                                        وإن اشترطا تأخيره جاز في المعين، واختلف في المضمون، فقال مالك مرة: لا يجوز، ورآه من الدين بالدين. وقال مرة: لا بأس أن ينقد الثلثين. وقاله أشهب في السلم، وقال أيضا: قد اقتطع الأكرياء أموال الناس، فلا إذا نقد الدينار ونحوه. ورأى ذلك ضرورة تنقل الحكم، وإن كان دينا بدين.

                                                                                                                                                                                        واختلف إذا شرط أن ينقد ما ينوب الركوب إذا كان مضمونا ويتأخر ما ينوب العبد، وهما عارفان بما ينوبه، هل يجوز أو يكون فاسدا; لأن المنقود مفضوض على الجميع؟ وقولهما: إن هذا للركوب ساقط، فعلى هذا القول لا يجوز إلا أن ينقد الجميع.

                                                                                                                                                                                        وإن لم يشترطا نقدا ولا تأخيرا، وكان الركوب مضمونا جاز، ويجب نقد الجميع; لأن كل واحد بانفراده يستحق تعجيل الثمن وكذلك الاجتماع.

                                                                                                                                                                                        وإن كان الركوب لراحلة بعينها كان الحكم أن ينقد ما ينوب العبد، وينقد [ ص: 5129 ] ما ينوب الراحلة بقدر ما يسير كل يوم. وقد عورض هذا بأن قيل: العقد فاسد; لأنه لا يدرى ما يتعجل مما يتأخر.

                                                                                                                                                                                        وقول ابن القاسم أصوب; لأن الشأن من التجار أنهم يقدرون ما ينوب كل واحد؛ ليعلما غالي ذلك من رخيصه، ولا يكاد يختلف ذلك إلا يسيرا. وهو في هذا أخف من جمع سلعتين; لأن تلك يستبد كل واحد من البائعين بالثمن فيها. وفي هذه جميع الثمن لواحد واليسير الذي بينهما هو الذي يتعجله الآن أو يأخذه مفترقا مع سائر المسافة.

                                                                                                                                                                                        وقد أجاز مالك وابن القاسم أن يعقد الكراء بالعين، ولا يشترطا نقدا ولا تأخيرا، ويكون مفضوضا على ما ينوب كل يوم، وقد تختلف الطريق في الصعوبة.

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية