الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 157 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين ( 78 ) )

قال أبو جعفر : يقول ، تعالى ذكره : قال فرعون وملؤه لموسى : ( أجئتنا لتلفتنا ) ، يقول : لتصرفنا وتلوينا ( عما وجدنا عليه آباءنا ) من قبل مجيئك ، من الدين .

يقال منه : " لفت فلان [ عنق فلان " إذا لواها ، كما قال رؤبة ] :


لفتا وتهزيعا سواء اللفت



" التهزيع " : الدق ، و " اللفت " اللي ، كما :

17765 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة : ( لتلفتنا ) ، قال : لتلوينا عما وجدنا عليه آباءنا .

وقوله : ( وتكون لكما الكبرياء في الأرض ) ، يعني العظمة ، وهي " الفعلياء " من " الكبر " . ومنه قول ابن الرقاع : [ ص: 158 ]


سؤددا غير فاحش لا يدا     نيه تجبارة ولا كبرياء



17766 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا ابن نمير عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : ( وتكون لكما الكبرياء في الأرض ) ، قال : الملك .

17767 - . . . . قال : حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد : ( وتكون لكما الكبرياء في الأرض ) ، قال : السلطان في الأرض .

17768 - . . . . قال : حدثنا محمد بن بكر عن ابن جريج قال : بلغني ، عن مجاهد قال : الملك في الأرض .

17769 - . . . . قال : حدثنا المحاربي عن جويبر عن الضحاك : ( وتكون لكما الكبرياء في الأرض ) ، قال : الطاعة .

17770 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : ( وتكون لكما الكبرياء في الأرض ) قال : الملك .

17771 - . . . . قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الله عن ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله .

17772 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد مثله . [ ص: 159 ]

17773 - حدثني الحارث قال : حدثنا عبد العزيز قال : حدثنا سفيان عن الأعمش عن مجاهد قال : السلطان في الأرض .

قال أبو جعفر : وهذه الأقوال كلها متقاربات المعاني ، وذلك أن الملك سلطان ، والطاعة ملك ، غير أن معنى " الكبرياء " هو ما ثبت في كلام العرب ، ثم يكون ذلك عظمة بملك وسلطان وغير ذلك .

وقوله : ( وما نحن لكما بمؤمنين ) ، يقول : " وما نحن لكما " يا موسى وهارون " بمؤمنين " يعني بمقرين بأنكما رسولان أرسلتما إلينا .

التالي السابق


الخدمات العلمية