الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

أسرار التكرار في القرآن

الكرماني - محمود بن حمزة الكرماني

[ ص: 186 ] سورة النور

336 - قوله تعالى على رأس العشر : ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم محذوف الجواب ، تقديره : لفضحكم ، وهو متصل ببيان حكم الزانيين ، وحكم القاذف ، وحكم اللعان ، وجواب لولا محذوفا أحسن منه ملفوظا به ، وهو المكان الذي يكون الإنسان فيه أفصح ما يكون إذا سكت .

337 - وقوله على رأس العشرين : ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم فحذف الجواب أيضا . تقديره : لعجل لكم العذاب . وهو متضمن بقصتها - رضي الله عنها ، وعن أبيها - . وقيل : دل عليه قوله : ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم ، وقيل : دل عليه قوله : ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا .

وفي خلال هذه الآيات : لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون ، لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء ، ولولا إذ سمعتموه قلتم ، وليس هو الدال على امتناع الشيء لوجود غيره ، بل هو للتحضيض .

قال الشاعر :


تعدون عقر النيب أفضل مجدكم بني ضوطرى لولا الكمي المقنعا



[ ص: 187 ] وهو [ في ] البيت للتحضيض ، والتحضيض يختص بالفعل ، والفعل في البيت مقدر ، تقديره : هلا تعدون الكمي ، أو : هلا تعقرون الكمي ، ويختص الثاني بالفعل ، والأول يختص بالاسم ، ويدخل المبتدأ ، ويلزم خبره الحذف .

338 - قوله : إن الله خبير بما يصنعون متصل بآيات الغض ، وليس له نظير .

339 - قوله : ولقد أنزلنا إليكم آيات ، وبعده : لقد أنزلنا آيات ؛ لأن اتصال الأول بما قبله أشد ، فإن قوله : وموعظة للمتقين محمول ومصروف إلى قوله : وليستعفف ، وإلى قوله : فكاتبوهم ، ولا تكرهوا فاقتضى الواو ، ليعلم أنه عطف على الأول ، واقتضى بيانه بقوله : " إليكم " ليعلم أن المخاطبين بالآية الثانية هم المخاطبون بالآية الأولى . وأما الثانية فاستئناف كلام . فخص بالحذف .

340 - قوله : وعد الله الذين آمنوا منكم إنما زاد " منكم " لأنهم المهاجرون ، وقيل : عام ، و " من " للتبيين .

341 - قوله : وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم ختم الآية بقوله : كذلك يبين الله لكم آياته ، وقبلها وبعدها الآيات " 58 " ، " 61 " ؛ لأن الذي قبلها والذي بعدها يشتمل على علامات يمكن الوقوف عليها ، وهي في الأولى : ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ، وفي الأخرى : من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم الآية . فعد فيها آيات كلها معلومة ، فختم الآيتين [ ص: 188 ] بقوله : " لكم الآيات " ، ومثلها : يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ويبين الله لكم الآيات يعني حد الزانيين وحد القاذف ، فختم بالآيات .

وأما بلوغ الأطفال فلم يذكر له علامات يمكن الوقوف عليها ، بل تفرد سبحانه بعلم ذلك ، فخصها بالإضافة إلى نفسه ، وختم كل آية بما اقتضى أولها .

التالي السابق


الخدمات العلمية