الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله جل ثناؤه : ( إياك نعبد ) .

قال أبو جعفر : وتأويل قوله ( إياك نعبد ) : لك اللهم نخشع ونذل ونستكين ، إقرارا لك يا ربنا بالربوبية لا لغيرك .

171 - كما حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا عثمان بن سعيد ، قال : حدثنا بشر بن عمارة ، قال : حدثنا أبو روق ، عن الضحاك ، عن عبد الله بن عباس ، قال : قال جبريل لمحمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد : ( إياك نعبد ) ، إياك نوحد ونخاف ونرجو يا ربنا لا غيرك . [ ص: 161 ]

وذلك من قول ابن عباس بمعنى ما قلنا . وإنما اخترنا البيان عن تأويله بأنه بمعنى نخشع ونذل ونستكين ، دون البيان عنه بأنه بمعنى نرجو ونخاف - وإن كان الرجاء والخوف لا يكونان إلا مع ذلة - لأن العبودية ، عند جميع العرب أصلها الذلة ، وأنها تسمى الطريق المذلل الذي قد وطئته الأقدام ، وذللته السابلة : معبدا . ومن ذلك قول طرفة بن العبد :


تباري عتاقا ناجيات وأتبعت وظيفا وظيفا فوق مور معبد



يعني بالمور : الطريق . وبالمعبد : المذلل الموطوء . ومن ذلك قيل للبعير المذلل بالركوب في الحوائج : معبد . ومنه سمي العبد عبدا لذلته لمولاه . والشواهد على ذلك - من أشعار العرب وكلامها - أكثر من أن تحصى ، وفيما ذكرناه كفاية لمن وفق لفهمه إن شاء الله تعالى .

التالي السابق


الخدمات العلمية