الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الشفعة للغائب

                                                                                                          1369 حدثنا قتيبة حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الجار أحق بشفعته ينتظر به وإن كان غائبا إذا كان طريقهما واحدا قال أبو عيسى هذا حديث غريب ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث غير عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر وقد تكلم شعبة في عبد الملك بن أبي سليمان من أجل هذا الحديث وعبد الملك هو ثقة مأمون عند أهل الحديث ولا نعلم أحدا تكلم فيه غير شعبة من أجل هذا الحديث وقد روى وكيع عن شعبة عن عبد الملك بن أبي سليمان هذا الحديث وروي عن ابن المبارك عن سفيان الثوري قال عبد الملك بن أبي سليمان ميزان يعني في العلم والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن الرجل أحق بشفعته وإن كان غائبا فإذا قدم فله الشفعة وإن تطاول ذلك [ ص: 509 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 509 ] قوله : ( الجار أحق بشفعته ) أي : بشفعة جاره كما في رواية أبي داود ( ينتظر ) صيغة المجهول ( به ) أي : بالجار ، قال ابن رسلان : يحتمل انتظار الصبي بالشفعة حتى يبلغ .

                                                                                                          ، وقد أخرج الطبراني في الصغير والأوسط عن جابر أيضا مرفوعا : الصبي على شفعته حتى يدرك ، فإذا أدرك فإن شاء أخذ ، وإن شاء ترك ، وفي إسناده عبد الله بن بزيغ وكذا في النيل . قلت : قال الذهبي في الميزان في ترجمة عبد الله بن بزيغ : قال الدارقطني : لين ليس بمتروك ، وقال ابن عدي ليس بحجة ، وهو قاضي تستر ، وعامة أحاديثه ليست بمتروكة . انتهى . ( وإن كان غائبا ) بالواو ، وإن وصلية ، قال الطيبي في شرح المشكاة بإثبات الواو في الترمذي وأبي داود وابن ماجه والدارمي وجامع الأصول وشرح السنة وبإسقاطها في نسخ المصابيح ، والأول أوجه ( إذا كان طريقهما ) أي : طريق الجارين ، أو الدارين . قوله : ( هذا حديث حسن غريب ) ورواه أحمد ، وأبو داود ، وابن ماجه والدارمي قوله : ( لا نعلم أحدا تكلم فيه غير شعبة من أجل هذا الحديث ) قال الذهبي في الميزان عبد الملك بن أبي سليمان أحد الثقات المشهورين تكلم فيه شعبة لتفرده عن عطاء بخبر ( الشفعة للجار ) ، قال وكيع : سمعت شعبة يقول : لو روى عبد الملك حديثا آخر مثل حديث الشفعة لطرحت حديثه ، وقال أبو قدامة السرخسي : سمعت يحيى القطان يقول : لو روى عبد الملك حديثا آخر كحديث الشفعة لتركت حديثه وروى أحمد بن أبي مريم عن يحيى ثقة .

                                                                                                          ، وقال أحمد : حديثه في الشفعة منكر ، وهو ثقة . انتهى ، وقال المنذري بعد نقل كلام الترمذي : وقال الإمام الشافعي يخاف أن لا يكون محفوظا ، وأبو سلمة حافظ ، وكذلك أبو الزبير ، ولا يعارض حديثهما بحديث عبد الملك ، وسئل الإمام أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال : هذا حديث منكر ، وقال يحيى لم يحدث به إلا عبد الملك ، وقد أنكره [ ص: 510 ] الناس عليه ، وقال الترمذي : سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث فقال : لا أعلم أحدا رواه عن عطاء غير عبد الملك تفرد به ، ويروى عن جابر خلاف هذا . هذا آخر كلامه ، وقد احتج مسلم في صحيحه بحديث عبد الملك ، واستشهد به البخاري ولم يخرجا له هذا الحديث ، ويشبه أن يكون تركاه لتفرده به ، وإنكار الأئمة عليه ، وجعله بعضهم رأيا لعبد الملك أدرجه عبد الملك في الحديث . انتهى كلام المنذري . قوله : ( فإذا قدم فله الشفعة ، وإن تطاول ذلك ) وظاهر الحديث أنه لا يجب عليه السير متى بلغه للطلب ، أو البعث برسول كما قال مالك ، وقال بعض أهل العلم : إنه يجب عليه ذلك إذا كانت مسافة غيبته ثلاثة أيام فما دونها ، وإن كانت المسافة فوق ذلك لم يجب .




                                                                                                          الخدمات العلمية