الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
20 - باب ذكر حروف قربت مخارجها


1 - وإدغام باء الجزم في الفاء قد رسا حميدا وخير في يتب قاصدا ولا      2 - ومع جزمه يفعل بذلك سلموا
ونخسف بهم راعوا وشذ تثقلا



أدغم الباء المجزومة في الفاء خلاد والكسائي وأبو عمرو، وقد وقع ذلك في القرآن في خمسة مواضع: أو يغلب فسوف نؤتيه بالنساء، وإن تعجب فعجب بالرعد، قال اذهب فمن تبعك منهم في الإسراء، قال فاذهب فإن لك في الحياة في طه، ومن لم يتب فأولئك في الحجرات. إلا أنه اختلف عن خلاد في هذا الموضع فروي عنه فيه الإظهار والإدغام. وهذا معنى قوله: (وخير في يتب قاصدا ولا)، وباقي القراء يقرءون بالإظهار في جميع المواضع. ثم أخبر أن أبا الحارث عن الكسائي قرأ بإدغام اللام في الذال في لفظ " يفعل ذلك " مجزوم اللام حيث وقع في القرآن الكريم. وهو في القرآن في ستة مواضع: ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه في البقرة، ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء في آل عمران، ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما ، ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله [ ص: 136 ] كلاهما في النساء، ومن يفعل ذلك يلق أثاما في الفرقان، ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون في المنافقين. وباقي القراء على الإظهار في المواضع الستة. وتقييد اللام بالجزم للاحتراز عن مرفوع اللام نحو: فما جزاء من يفعل ذلك فلا خلاف في وجوب إظهاره. ثم ذكر أن الكسائي أدغم الفاء في الباء في: إن نشأ نخسف بهم الأرض في سبإ. والباقون بالإظهار. و(رسا) رسخ وثبت. والولاء بالفتح النصرة.


3 - وعذت على إدغامه ونبذتها     شواهد حماد وأورثتمو حلا
4 - له شرعه والراء جزما بلامها     كواصبر لحكم طال بالخلف يذبلا



أدغم حمزة والكسائي وأبو عمرو الذال في التاء في كلمتين: الأولى عذت، في وإني عذت بربي وربكم في غافر والدخان، الثانية فنبذتها في طه. وأدغم أبو عمرو وهشام وحمزة والكسائي الثاء في التاء في لفظ " أورثتموها " في الأعراف والزخرف. وأدغم الدوري عن أبي عمرو بخلف عنه، والسوسي بلا خلاف الراء المجزومة في اللام نحو: واصبر لحكم ربك ، نغفر لكم . وقرأ الباقون بالإظهار في كل ما تقدم وهو الوجه الثاني للدوري في الراء المجزومة.

و(يذبل) اسم جبل.


5 - وياسين أظهر عن فتى حقه بدا     ونون وفيه الخلف عن ورشهم خلا
6 - وحرمي نصر صاد مريم من يرد     ثواب لبثت الفرد والجمع وصلا
7 - وطاسين عند الميم فاز اتخذتم     أخذتم وفي الإفراد عاشر دغفلا
8 - وفي اركب هدى بر قريب بخلفهم     كما ضاع جا يلهث له دار جهلا
9 - وقالون ذو خلف وفي البقره فقل     يعذب دنا بالخلف جودا وموبلا



أمر رضي الله عنه بإظهار نون (يس) عند واو والقرآن الحكيم ، ونون (ن) عند واو والقلم لحفص وحمزة وابن كثير وأبي عمرو وقالون. ثم ذكر أن في ن والقلم الخلف [ ص: 137 ] عن ورش، فله فيه الإظهار والإدغام فيكون له الإدغام قولا واحدا في يس والقرآن وله الوجهان في ن والقلم . وقرأ الباقون بالإدغام في اللفظين. ثم بين أن (حرمي نصر) وهم: نافع وابن كثير وعاصم أظهروا الدال عند الذال في كهيعص أول مريم، والدال عند الثاء في يرد ثواب في الموضعين بآل عمران، والثاء عند التاء في " لبثت " وما تصرف منه إفرادا وجمعا في القرآن الكريم نحو: " كم لبثتم " . وقرأ الباقون بالإدغام في كل ما ذكر. ثم بين أن حمزة قرأ بإظهار النون عند الميم في " طسم " أولى الشعراء والقصص. وقرأ غيره بإدغام النون في الميم. وأما طس تلك أول النمل فقد اتفق القراء على إخفاء نون (طس) عند التاء من تلك. وقرأ حفص وابن كثير بإظهار الذال عند التاء في " اتخذتم " جمعا كهذا المثال أو فردا نحو: لئن اتخذت إلها غيري .

وكذا في (أخذتم) كيف وقع، سواء كانت التاء فيه ضمير جمع كهذا المثال، وأخذتم على ذلكم إصري . أم ضمير فرد نحو: فأخذتهم ، ثم أخذت الذين كفروا وقرأ الباقون بالإدغام. ثم بين أن البزي وقالون وخلادا قرءوا بخلف عنهم بإظهار الباء عند الميم في اركب معنا في هود. فيكون لكل منهم الإظهار والإدغام، وقرأ ابن عامر وخلف وورش بالإظهار قولا واحدا. وقرأ الباقون بالإدغام قولا واحدا، وهم قنبل، وأبو عمرو، وعاصم، والكسائي. ثم ذكر أن هشاما، وابن كثير وورشا أظهروا الثاء عند الذال في يلهث ذلك بالأعراف. وأن قالون ذو خلف، فله فيها الإظهار والإدغام. وقرأ الباقون وهم أبو عمرو وابن ذكوان وعاصم وحمزة والكسائي بالإدغام قولا واحدا. وأخيرا ذكر أن ويعذب من يشاء في البقرة، يقرؤه بجزم الباء أهل (سما) وحمزة والكسائي. أظهر الباء عند الميم فيه ابن كثير بخلف عنه. وورش بلا خلاف. هذا ما يؤخذ من صريح النظم، ولكن التحقيق أن ابن كثير ليس له من طريق النظم وأصله إلا الإظهار، فلا يقرأ له إلا به. وقرأ الباقون ممن يقرءون بالجزم وهم: قالون وأبو عمرو وحمزة والكسائي، بالإدغام قولا واحدا. وأما ابن عامر وعاصم فيقرءان بالرفع في الباء، فلا يكون لهما إلا الإظهار. (وخلا) بمعنى مضى.

و(الدغفل) الواسع الخصيب، من قولهم: عام دغفل، أي: خصب، (وضاع) انتشر من ضاع الطيب فاحت رائحته. و(دار) فعل أمر من دارى يداري. و(جهلا) بفتح الهاء جمع جاهل، [ ص: 138 ] و(الجود) بفتح الجيم المطر الغزير. و(موبلا) من أوبل المطر اشتد وقعه.

التالي السابق


الخدمات العلمية