الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( كتاب الصيام )

                                                                                                                              هو لغة الإمساك وشرعا الإمساك الآتي بشروطه الآتية وأركانه النية والإمساك عما يأتي زاد جمع صائم والصائم وهو مبني على عد المصلي والمتوضئ مثلا ركنا ويحتمل عدم البناء والفرق كما مر وفرض رمضان في شعبان ثاني سني الهجرة وينقص ويكمل وثوابهما واحد كما لا يخفى ومحله كما هو ظاهر في الفضل المترتب على رمضان من غير نظر لأيامه أما ما يترتب على يوم الثلاثين من ثواب واجبه ومندوبه عند سحوره وفطره فهو زيادة يفوق بها الناقص وكان حكمة { أنه صلى الله عليه وسلم لم يكمل له رمضان إلا سنة واحدة والبقية ناقصة } زيادة تطمين نفوسهم على مساواة الناقص للكامل [ ص: 371 ] فيما قدمناه ( يجب صوم رمضان ) إجماعا وهو معلوم من الدين بالضرورة من الرمض وهو شدة الحر ؛ لأن وضع اسمه على مسماه وافق ذلك وكذا في بقية الشهور كذا قالوه وهو إنما يأتي على الضعيف أن اللغات اصطلاحية .

                                                                                                                              أما على أنها توقيفية أي أن الواضع لها هو الله تعالى وعلمها جميعا لآدم عند قول الملائكة لا علم لنا فلا يأتي ذلك وهو أفضل الأشهر حتى من عشر الحجة للخبر الصحيح { رمضان سيد الشهور } وبحث أبي زرعة تفضيل يوم عيد الفطر إذا كان يوم جمعة على أيام رمضان التي ليست يوم جمعة فيه نظر وإن أطيل في الاستدلال له وتفضيل بعض أصحابنا يوم الجمعة على يوم عرفة الذي ليس يوم الجمعة شاذ وإن وافق مذهب أحمد رضي الله عنه فلا دليل فيه نعم يوم عرفة أفضل أيام السنة كما صرحوا به فبفرض شموله لأيام رمضان كما هو الظاهر يجاب بأن سيدية رمضان مخصوصة بغير يوم عرفة لما صح فيه مما يقتضي ذلك وبفرض عدم شموله يجاب بأن سيدية رمضان من حيث الشهر وسيدية يوم عرفة من حيث الأيام فلا تنافي بينهما .

                                                                                                                              وإنما لم نقل بذلك فيما ذكر من يومي العيد والجمعة ؛ لأنه لم يصح فيهما نظير ما صح في يوم عرفة حتى يخرجا من ذلك العموم ويأتي في صوم التطوع في عشر الحجة وعشر رمضان الأخير ما له تعلق بذلك وأفهم المتن أنه لا يكره قول رمضان بدون " شهر " مطلقا وهو كذلك للأخبار الكثيرة فيه واستند من كرهه لما ليس بمستند [ ص: 372 ] وهو الخبر الضعيف { أنه من أسماء الله تعالى } ( بإكمال شعبان ثلاثين ) يوما وهو واضح قال الدارمي ومن رأى هلال شعبان ولم يثبت ثبت رمضان باستكماله ثلاثين من رؤيته لكن بالنسبة لنفسه فقط ( أو رؤية الهلال ) بعد الغروب لا بواسطة نحو مرآة كما هو ظاهر ليلة الثلاثين منه بخلاف ما إذا لم ير وإن أطبق الغيم لخبر البخاري الذي لا يقبل تأويلا ولا مطعن في سنده يعتد به خلافا لمن زعمهما { صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين } .

                                                                                                                              ومن ثم لم تجز مراعاة خلاف موجبه وكهذين الخبر المتواتر برؤيته ولو من كفار لإفادته العلم الضروري وظن دخوله بالاجتهاد كما يأتي أو بالأمارة الظاهرة الدالة التي لا تتخلف عادة [ ص: 373 ] كرؤية القناديل المعلقة بالمنائر ، ومخالفة جمع في هذه غير صحيحة ؛ لأنها أقوى من الاجتهاد المصرح فيه بوجوب العمل به لا قول منجم وهو من يعتمد النجم وحاسب وهو من يعتمد منازل القمر وتقدير سيره ولا يجوز لأحد تقليدهما نعم لهما العمل بعلمهما ولكن لا يجزئهما عن رمضان كما صححه في المجموع وإن أطال جمع في رده ولا برؤية النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 374 ] في النوم قائلا غدا من رمضان لبعد ضبط الرائي لا للشك في الرؤية .

                                                                                                                              وفيه وجه بالوجوب ككل ما يأمر به ولم يخالف ما استقر في شرعه لكنه شاذ فقد حكى عياض وغيره الإجماع على الأول ولا برؤية الهلال في رمضان وغيره قبل الغروب سواء ما قبل الزوال وما بعده بالنسبة للماضي والمستقبل وإن حصل غيم وكان مرتفعا قدرا لولاه لرئي قطعا خلافا للإسنوي ؛ لأن الشارع إنما أناط الحكم بالرؤية بعد الغروب ولما يأتي أن المدار عليها لا على الوجود

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( كتاب الصيام )

                                                                                                                              ( قوله ومحله كما هو ظاهر في الفضل المترتب على رمضان من غير نظر لأيامه ) قد يقال الفضل المترتب على [ ص: 371 ] رمضان ليس إلا مجموع الفضل المترتب على أيامه فليتأمل جدا ( قوله وكذا في بقية الشهور ) انظر معنى هذا في نحو رجب وجمادى ( قوله فلا يأتي ذلك ) قد يقال ما المانع من إتيانه ؛ لأن وضع الله حادث بناء على حدوث الألفاظ فيجوز أن يكون الوضع وافق ما ذكر تأمل ( قوله فلا دليل فيه ) أي لأبي زرعة ( قوله للأخبار الكثيرة فيه ) أي كخبر { من قام رمضان } لا يقال لا دلالة في تلك الأخبار لعدم الكراهة ؛ لأن استعمال الشارع لا يقاس عليه استعمال غيره كما ذكروه في مواضع ؛ لأنا نقول إنما يصح ذلك لو ثبت نهي عن ذلك [ ص: 372 ] فكان حينئذ يثبت الكراهة به في حقنا ولا يرد عليها استعمال الشارع لما ذكر لكن لم يثبت نهي عن ذلك والأصل فيما استعمله الشارع جواز مثله منا .

                                                                                                                              ( قوله وهو الخبر الضعيف ) استند أيضا إلى ورود النهي عن ذلك وأجيب بأنه لم يصح كما بينه الحفاظ ( قوله لكن بالنسبة لنفسه فقط ) ينبغي ولمن اعتقد صدقه ( قوله أو رؤية الهلال بعد الغروب ) لو رآه حديد البصر دون غيره فالظاهر أنه لا يثبت به على العموم وهل يثبت في حق نفسه م ر وقد يقال إن كفى العلم بوجوده بلا رؤية ثبت برؤية حديد البصر بلا توقف [ ص: 373 ] ويفرق بينه وبين الجمعة بنحو أن لها بدلا حيث لا يلزم بسماع حديد السمع أحدا حتى السامع كما هو ظاهر كلامهم وفيه نظر ( قوله وحاسب وهو إلخ ) سئل الشهاب الرملي عن المرجح من جواز عمل الحاسب بحسابه في الصوم هل محله إذا قطع بوجوده ورؤيته أم بوجوده وإن لم يجوز رؤيته فإن أئمتهم قد ذكروا للهلال ثلاث حالات حالة يقطع فيها بوجوده وبامتناع رؤيته وحالة يقطع فيها بوجوده ورؤيته وحالة يقطع فيها بوجوده ويجوزون رؤيته فأجاب بأن عمل الحاسب شامل للمسائل الثلاث ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله نعم لهما العمل إلخ ) ذكر شيخنا الشهاب الرملي ووافقه الطبلاوي الكبير على الوجوب والإجزاء قال م ر ولهما العمل بالحساب والتنجيم أيضا في الفطر آخر الشهر إذ المعتمد أن لهما ذلك وأنه يجزئهما عن رمضان خلافا لبعضهم ولما [ ص: 374 ] في المجموع وأن قضية وجوب العمل بالظن أنه يجب عليهما ذلك وكذا من أخبراه إذا ظن صدقهما ا هـ وقضيته عدم الوجوب إذا لم يظن صدقهما ولا كذبهما وهما عدلان وفيه نظر وقياس الوجوب إذا ظن صدقهما الوجوب إذا لم يظن صدقا ولا كذبا وهما عدلان كما في نظائر ذلك فليتأمل ( قوله ؛ لأن الشارع إنما أناط الحكم بالرؤية بعد الغروب إلخ ) فينبغي فيما لو دل القطع على وجوده بعد الغروب بحيث تتأتى رؤيته لكن لم توجد بالفعل أن يكفي ذلك فليتأمل



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( كتاب الصيام ) ( قوله هو لغة ) إلى قوله وينقص في النهاية والمغني إلا قوله زاد جمع وقوله وهو إلى وفرض ( قوله هو لغة الإمساك ) ومنه قوله تعالى حكاية عن مريم { إني نذرت للرحمن صوما } أي إمساكا وسكوتا عن الكلام نهاية ومغني ( قوله وشرعا الإمساك الآتي إلخ ) أي إمساك مسلم مميز بنية عن المفطرات سالم من الحيض والنفاس والولادة في جميع النهار القابل للصوم ومن الإغماء والسكر في بعضه والأصل في وجوبه قبل الإجماع مع ما يأتي آية { كتب عليكم الصيام } نهاية بزيادة من ع ش والرشيدي .

                                                                                                                              ( قوله وهو ) أي عد الصائم ركنا هنا ( قوله كما مر ) أي في صفة الصلاة من أن ماهيته لا وجود لها في الخارج وإنما تتعقل بتعقل الفاعل فجعل ركنا لتكون تابعة له بخلاف نحو الصلاة توجد خارجا فلم يحتج للنظر لفاعلها ( قوله وفرض رمضان في شعبان إلخ ) لم يبين هل كان ذلك في أوله أو آخره أو أوسطه فراجعه ع ش ( قوله ومحله كما هو ظاهر في الفضل المترتب على رمضان إلخ ) قد يقال الفضل المترتب على رمضان ليس إلا مجموع الفضل المترتب على أيامه فليتأمل جدا سم على حج أقول وقد يمنع الحصر ويقال إن لرمضان فضلا من حيث هو بقطع النظر عن مجموع أيامه كمغفرة الذنوب لمن صامه إيمانا واحتسابا والدخول من باب الجنة المعد لصائمه وغير ذلك مما ورد أنه يكرم به صوام رمضان وهذا لا فرق فيه بين كونه ناقصا أو تاما وأما الثواب المترتب على كل يوم بخصوصه فأمر آخر فلا مانع أن يثبت للكامل بسببه ما لا يثبت للناقص ع ش وبصري وشيخنا .

                                                                                                                              ( قوله يفوق ) أي الكامل و ( قوله لم يكمل له رمضان إلخ ) أي من تسع رمضانات شيخنا ( قوله إلا واحدة ) كذا وقع له هنا ووقع له في محلين آخرين إلا سنتان وجرى عليه المنذري في سننه قاله شيخنا الشوبري وجرى عليه أيضا الدميري وقال بعضهم { صام أربعة ناقصا وخمسة كاملا } ع ش بحذف وجرى شيخنا على ما قاله الشارح هنا ( قوله زيادة تطمئن ) كذا في أصله بخطه وفيه خلو جملة الصفة عن العائد إلا أن يقرأ تطمئن بصيغة المصدر بصري أقول المعنى [ ص: 371 ] هنا على الإضافة لا الوصفية وإن تكلف الكردي في تصحيحها بما لا حاصل له والجملة تقع مضافا إليها مؤولا بالمصدر بلا سابك فلا ضرورة إلى قراءته مصدرا نعم المصدر أولى ولذا عبر به شيخنا فقال ولعل الحكمة في ذلك تطمين نفوس من يصومه ناقصا من أمته إلخ .

                                                                                                                              ( قوله فيما قدمناه ) أي من الثواب المترتب على أصل صوم رمضان من غير نظر لأيامه ( قوله إجماعا ) إلى قوله وبحث إلخ في النهاية والمغني إلا قوله كذا إلى وهو أفضل وقوله حتى من عشر الحجة وما أنبه عليه ( قوله معلوم من الدين بالضرورة ) أي فمن جحد وجوبه كفر ما لم يكن قريب العهد بالإسلام أو نشأ بعيدا عن العلماء ومن ترك صومه غير جاحد من غير عذر كمرض وسفر حبس ومنع الطعام والشراب نهارا ليحصل صورة الصوم بذلك نهاية ومغني زاد الإيعاب ولأنه ربما حمله ذلك على أن ينويه فيحصل له حينئذ حقيقته ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ؛ لأن وضع اسمه إلخ ) عبارة المغني والنهاية ؛ لأن العرب لما أرادت أن تضع أسماء الشهور وافق أن الشهر المذكور كان في شدة الحر فسمي بذلك كما سمي الربيعان لموافقتهما زمن الربيع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وكذا في بقية الشهور ) عبارة المصباح في مادة ج م د ويحكى أن العرب حين وضعت الشهور وافق الوضع الأزمنة فاشتق للشهور معان من تلك الأزمنة ثم كثر حتى استعملوها في الأهلة وإن لم توافق ذلك الزمان فقالوا رمضان لما أرمضت الأرض من شدة الحر وشوال لما شالت الإبل بأذنابها للطروق وذو القعدة لما ذللوا القعدان للركوب وذو الحجة لما حجوا والمحرم لما حرموا القتال أو التجارة والصفر لما غزوا وتركوا ديار القوم صفرا وشهر ربيع لما أربعت الأرض وأمرعت وجمادى لما جمد الماء ورجب لما رجبوا الشجر وشعبان لما أشعبوا مثل العود انتهت ا هـ ع ش ( قوله أما على أنها توقيفية إلخ ) أي وهو المعتمد ع ش .

                                                                                                                              ( قوله فلا يأتي ذلك ) قد يقال ما المانع من إتيانه ؛ لأن وضع الله حادث بناء على حدوث الألفاظ فيجوز أن يكون الوضع وافق ما ذكر تأمل كذا أفاده الفاضل المحشي وقد يتوقف في قوله ؛ لأن إلخ إذ وضعه لها ثابت في حضرة العلم والألفاظ بالنسبة إليه ليست حادثة نعم قد يقال ما المانع من كون العرب لها اصطلاح وافق ما ذكر بصري أقول وأيضا إن العلم وإن كان قديما تابع للمعلوم كما تقرر في محله ( قوله في الاستدلال له ) أي لأبي زرعة سم ( قوله وتفضيل بعض أصحابنا إلخ ) أي المستلزم لتفضيل يوم جمعة ليس من رمضان على أيام رمضان ليست يوم جمعة ( قوله فلا دليل فيه ) أي لأبي زرعة .

                                                                                                                              ( قوله بأن سيدية رمضان مخصوصة بغير يوم عرفة ) الباء دخل على المقصور عليه ( قوله لما صح فيه ) أي في يوم عرفة ( قوله يجاب بأن سيدية رمضان إلخ ) هذا الجواب يأتي على الفرض الأول أيضا بالأولى بل المناسب للفرض الثاني أن يقال بأن سيدية يوم عرفة مخصوصة بغير أيام رمضان فليتأمل ( قوله وإنما لم نقل بذلك ) أي بما تضمنه الجواب الأول أو الثاني ( قوله من يومي العيد والجمعة ) كأنه أراد يوم العيد المصادف ليوم الجمعة على ما مر عن أبي زرعة ومطلق يوم الجمعة على ما مر عن بعض الأصحاب ( قوله من ذلك العموم ) أي عموم تفضيل رمضان على غيره كردي .

                                                                                                                              ( قوله في عشر الحجة ) عبارته هناك في تسع الحجة وهي الأصوب ( قوله وعشر رمضان ) عطف على صوم إلخ والواو بمعنى مع ( قوله بذلك ) أي بتفضيل رمضان ( قوله أنه لا يكره إلخ ) وفاقا للنهاية والمغني ( قوله مطلقا ) أي مع قرينة إرادة الشهر وبدونها ( قوله للأخبار الكثيرة فيه إلخ ) عبارة النهاية لعدم ثبوت النهي فيه بل ثبت ذكره بدون شهر في أخبار صحيحة لخبر { من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه } ا هـ قال ع ش قوله م ر بل ثبت ذكره إلخ إنما يتم به الرد على من أطلق كراهته بدون شهر أما من قيد كراهته بانتفاء القرينة الدالة على أن المراد به الشهر فلا [ ص: 372 ] يتم الرد عليه بما ذكر لوجود القرينة الدالة على المراد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وهو الخبر الضعيف ) واستند أيضا إلى ورود النهي عن ذلك وأجيب بأنه لم يصح كما بينه الحفاظ سم ( قوله لنفسه فقط ) ينبغي ولمن اعتقد صدقه سم وبصري ويأتي في شرح وشرط الواحد إلخ ما يفيده ( قوله أو رؤية الهلال بعد الغروب إلخ ) لو رآه حديد البصر دون غيره فالظاهر أنه لا يثبت به على العموم وهل يثبت في حق نفسه م ر وقد يقال إن كفى العلم بوجوده بلا رؤية ثبت برؤية حديد البصر بلا توقف ويفرق بينه وبين الجمعة بنحو أن لها بدلا حيث لا يلزم بسماع حديد السمع أحدا حتى السامع كما هو ظاهر كلامهم وفيه نظر سم أقول قد يفرق بينه وبين الجمعة بأن الصوم معلق في النصوص بالرؤية من غير فرق بين إفراد الرائي فينبغي الثبوت برؤيته حتى في حق غيره والملحظ في الجمعة كون المحل قريبا بحيث يعد لقربه من محل الجمعة فنظر في ضبط القريب عرفا لمتوسط السمع ؛ لأن حديده قد يسمع من البعيد عرفا وفي تكليفه فقط أو مع غيره حرج تأباه محاسن الشريعة بصري و ع ش .

                                                                                                                              ( قوله لا بواسطة ) الأولى بلا واسطة ( قوله لا بواسطة نحو مرآة ) قد يتوقف فيه ؛ لأنها رؤية ولو بتوسط آلة بصري ويؤيده ما يأتي عن سم في مسألة الغيم وكفاية ظن دخول رمضان بالاجتهاد كما يأتي ( قوله نحو مرآة ) أي كالماء والبلور الذي يقرب البعيد ويكبر الصغير في النظر ( قوله منه ) أي من شعبان ( قوله لخبر البخاري إلخ ) تعليل لقول المتن أو رؤية الهلال ( قوله لمن زعمهما ) أي وجود الطعن في سنده وقبول متنه التأويل ( قوله لم تجز مراعاة إلخ ) لعل محله ما لم يقلد القائل به في ذلك ع ش أقول بل ذلك على إطلاقه ؛ لأن من شروط التقليد في حكم أن لا يكون القائل به مخالفا لنص السنة كما هنا .

                                                                                                                              ( قوله خلافه موجبه ) وهو أحمد في رواية وطائفة قليلة إيعاب أي عند إطباق الغيم ( قوله وكهذين ) إلى قوله وإن حصل غيم في النهاية إلا قوله ولو من كفار إلى وظن وقوله ولا يجوز إلى نعم وقوله ولكن إلى ولا برؤية النبي وقوله وفيه وجه إلى فقد حكي وكذا في المغني إلا قوله الخبر المتواتر إلى ظن دخوله ( قوله وكهذين إلخ ) أي الإكمال والرؤية في إيجاب صوم رمضان لعموم الناس وجعل النهاية والإيعاب الخبر المتواتر من جملة ما يثبت به الشهر للمخبر فقط بفتح الباء عبارة الأول في شرح وشرط الواحد إلخ وقد علم مما مر أن ما تقرر بالنسبة لوجوب الصوم على عموم الناس أما وجوبه على الرائي فلا يتوقف على كونه عدلا فمن رأى هلال رمضان وجب عليه الصوم ومثله من أخبره به عدد التواتر ا هـ .

                                                                                                                              قال الرشيدي قوله م ر ومثله من أخبره به عدد التواتر والشهاب ابن حج إنما ذكر هذا بالنسبة لعموم الناس أي فأخبار عدد التواتر من جملة ما يثبت به الشهور على العموم وإن لم يكن عند قاض وظاهر أن صورة المسألة أنهم أخبروا عن رؤيتهم أو عن رؤية عدد التواتر كما يعلم من شرط عدد التواتر الذي يفيد العلم فليس منه إخبارهم عن واحد رآه أو أكثر ممن لم يبلغ عدد التواتر كما يقع كثيرا من الإشاعات فتنبه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وظن دخوله إلخ ) أي عند الاشتباه لنحو حبس شيخنا ( قوله كما يأتي ) أي في المتن في أواخر فصل النية .

                                                                                                                              ( قوله أو بالأمارة الظاهرة إلخ ) ومما عمت به البلوى تعليق القناديل ليلة ثلاثي شعبان فتبيت النية اعتمادا عليها ثم تزال ويعلم بها من نوى ثم يتبين نهارا أنه من رمضان وقد أفتى الوالد رحمه الله تعالى بصحة صومه بالنية المذكورة لبنائها على أصل صحيح ولا قضاء عليه فإن نوى عند الإزالة تركه لزمه قضاؤه نهاية وقوله م ر ولا قضاء عليه قال سم ما لم يعلم بأنها أزيلت للشك في دخول رمضان أو لتبين عدم دخوله ويوجه بأن علمه بذلك متضمن لرفض النية السابقة حكما ورفضها ليلا يبطلها ا هـ واعتمده شيخنا فقال ولو طفئت القناديل لنحو شك في الرؤية ثم أوقدت للجزم [ ص: 373 ] بها وجب تجديد النية على من علم بطفئها دون من لم يعلم به ا هـ .

                                                                                                                              وكذا اعتمده الرشيدي فقال قوله م ر ويعلم بها أي بإزالتها احتراز عما لو أزالوها بعد نومه أو نحوه فهذا غير ما بحثه الشهاب سم فيما إذا علم سبب إزالتها وأنه عدم ثبوت الشهر من أنه يضر ؛ لأنه يتضمن رفض النية خلافا لما وقع في حاشية الشيخ وقوله م ر فإن نوى عند الإزالة إلخ خرج به ما إذا حصل له تردد عند الإزالة ولو ينو الترك فلا يضره ذلك لما سيأتي في كلامه م ر من أن النية بعد عقدها لا يبطلها إلا رفضها أو الردة ا هـ رشيدي ( قوله كرؤية القناديل ) أي وضرب المدافع ونحو ذلك مما جرت به العادة شيخنا .

                                                                                                                              ( قوله لا قول منجم ) بالجر عطفا على الاجتهاد ولو أعاد الباء ليظهر عطف قوله ولا برؤية النبي إلخ عليه لكان أولى ( قوله وحاسب إلخ ) وفي فتاوى الشهاب الرملي سئل عن المرجح من جواز عمل الحاسب بحسابه في الصوم هل محله إذا قطع بوجوده ورؤيته أم بوجوده وإن لم يجوز رؤيته فإن أئمتهم قد ذكروا للهلال ثلاث حالات حالة يقطع فيها بوجوده وبامتناع رؤيته وحالة يقطع فيها بوجوده ورؤيته وحالة يقطع فيها بوجوده ويجوزون رؤيته فأجاب بأن عمل الحاسب شامل للحالات الثلاث انتهى وهو محل تأمل بالنسبة للحالة الأولى بل والثالثة والعجب من الفاضل المحشي حيث نقل هذا الإفتاء وأقره ا هـ بصري عبارة الرشيدي قوله م ر نعم له أن يعمل بحسابه إلخ أي الدال على وجود الشهر وإن دل على عدم إمكان الرؤية كما هو مصرح به في كلام والده وهو في غاية الإشكال ؛ لأن الشارع إنما أوجب علينا الصوم بالرؤية لا بوجود الشهر ويلزم عليه أنه إذا دخل الشهر في أثناء النهار أنه يجب الإمساك من وقت دخوله ولا أظن الأصحاب يوافقون على ذلك وقد بسطت القول على ذلك في غير هذا المحل ا هـ ويأتي في شرح ورؤية الهلال ما يصرح بخلاف ما قاله الشهاب الرملي في الأولى والثالثة جميعا وعن النهاية فيما لو دل الحساب على كذب الشاهد ما نصه أن الشارع لم يعتمد الحساب بل ألغاه بالكلية كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى ا هـ .

                                                                                                                              وهذا يؤيد الإشكال أيضا وبالجملة ينبغي الجزم بعدم جواز عمل الحاسب بحسابه في الحالة الأولى وأما الحالة الثالثة فينبغي أنها مثل الأولى في عدم الجواز كما مر عن السيد البصري وسيأتي عن سم في مسألة الغيم ما يؤيده ( قوله ولا يجوز إلخ ) يأتي عن النهاية خلافه ( قوله نعم لهما العمل إلخ ) ذكر شيخنا الشهاب الرملي ووافقه الطبلاوي الكبير على الوجوب والإجزاء قال م ر ولهما العمل بالحساب والتنجيم أيضا في الفطر آخر الشهر إذ المعتمد أن لهما ذلك في أوله وأنه يجزئهما عن رمضان وأن قضية وجوب العمل بالظن أنه يجب عليهما ذلك وكذا من أخبراه إذا ظن صدقهما ا هـ .

                                                                                                                              وقياس الوجوب إذا ظن صدقهما الوجوب إذا لم يظن صدقا ولا كذبا وهما عدلان كما في نظائر ذلك أي ما لم يعتقد خطأه بموجب قام عنده سم ( قوله ولكن لا يجزئهما إلخ ) والمعتمد الإجزاء مغني وإيعاب وإتحاف ونهاية عبارة الأخير ويجزئه عن فرضه على المعتمد وإن وقع في المجموع عدم إجزائه عنه وقياس قولهم أن الظن يوجب العمل أن يجب عليه الصوم وعلى من أخبره وغلب على ظنه صدقه وأيضا فهو جواز بعد حظر أي فيصدق بالوجوب ا هـ واعتمده شيخنا وتقدم عن سم ما يوافقه .

                                                                                                                              ( قوله كما صححه في المجموع ) أي هنا كذا قيل وكلام المجموع ليس نصا في تصحيح ذلك وإنما هو ظاهر فيه فإنه أخذ ذلك من كلام الرافعي وسكت عليه وكأنه إنما لم يعترضه لما سيصرح به في الكلام على النية من أنه يجزئه إيعاب ( قوله ولا برؤية النبي إلخ ) عطف على [ ص: 374 ] لا قول منجم وكذا قوله ولا برؤية الهلال إلخ عطف عليه كردي أي على توهم أنه قال هناك لا بقول منجم بالباء ( قوله في النوم ) أي أو المراقبة والكشف ( قوله قائلا إلخ ) أي مخبرا بأن غدا إلخ ( قوله لبعد ضبط الرائي إلخ ) أي فيحرم الصوم وغيره استنادا لذلك ولا عبرة بقطعه أنه سمع من تلك الصورة التي لا يتمثل الشيطان بها ؛ لأنه لا سبيل إلى هذا القطع وعلى التنزل فليس هذا مما كلف به العباد ؛ لأن حكم الله لا يتلقى إلا من لفظ واستنباط وهذا ليس واحدا منهما وعلى التنزل فهذا من قبيل تعارض الدليلين وعند تعارضهما يجب العمل بالأرجح وهو ما في اليقظة إيعاب .

                                                                                                                              ( قوله فقد حكى عياض وغيره الإجماع على الأول ) وهو عدم العمل بقوله فلا يعمل به من حيث إنه أخبر صلى الله عليه وسلم به ثم إن كان له وجه مجوز للعمل به لكونه نفلا مندرجا تحت ما أمر به الشارع أو جوزه جاز العمل به وإلا فلا ع ش عبارة الإيعاب وأما قول السبكي يحسن العمل بما سمعه مما لم يخالف شرعا ظاهرا فهو لا يتأتى على الإجماع أو الأصح السابق اللهم إلا أن يقال سماعه لذلك من تلك الصورة التي لا يتمثل الشيطان بها يحمله على التحري والاحتياط والمبادرة للامتثال فندب له مراعاة ذلك حيث لم يخالف ظاهر الشرع لا استنادا للرؤية وحدها بل للدليل الدال على اجتناب الشبهة والاستكثار من الطاعة ما أمكن فليس في ذلك عمل بالرؤية والحاصل أنا لا نمنع كونها مؤكدة وحاملة على المبادرة لامتثال ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم يقظة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله ولا برؤية الهلال إلخ ) عبارة العباب مع شرحه ( فرع )

                                                                                                                              رؤية الهلال نهارا يوم الثلاثين من آخر شعبان أو رمضان لا أثر لها ولو رئي قبل الزوال ؛ لأنه لليلة المستقبلة إن رئي بعد غروبها لا الماضية فلا نفطره من رمضان ولا نمسكه من شعبان واحترزوا بيوم الثلاثين عن رؤيته يوم التاسع والعشرين فإنه لم يقل أحد أنها للماضية لئلا يلزم أن يكون الشهر ثمانية وعشرين ا هـ زاد المغني أي ولا للمستقبلة كما في شرح الإرشاد لابن أبي شريف ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله في رمضان ) أي في ثلاثي رمضان نهاية .

                                                                                                                              ( قوله سواء ما قبل الزوال إلخ ) وقيل إن رئي قبل الزوال فللماضية أو بعده فللمستقبلة إيعاب ( قوله بالنسبة للماضي والمستقبل ) أي فلا نفطر إن كان في ثلاثي رمضان ولا نمسك إن كان في ثلاثي شعبان نهاية ومغني ( قوله لولاه ) أي الغيم ( لرئي قطعا ) أي بعد الغروب إيعاب ( قوله ؛ لأن الشارع إنما أناط الحكم بالرؤية بعد الغروب إلخ ) ينبغي فيما لو دل القطع على وجوده بعد الغروب بحيث يتأتى رؤيته لكن لم يوجد بالفعل أن يكفي ذلك فليتأمل سم وقوله بحيث يتأتى رؤيته أي لو لم يوجد نحو الغيم من الموانع وهذا ما يؤيد ما تقدم من استشكال البصري والرشيدي إفتاء الشهاب الرملي بجواز عمل الحاسب بحسابه مطلقا .

                                                                                                                              ( قوله ولما يأتي أن المدار إلخ ) قال البصري بعد سوق عبارة الشارح في رسالته المسماة بتنوير البصائر والعيون في بيان حكم بيع ساعة من قرار العيون ما نصه فإن ظاهره الاكتفاء بالعلم وأنه المراد بالرؤية في النصوص فإذا حصل العلم بوجوده كفى خلاف ما يقتضيه كلامه هنا ا هـ وقوله بوجوده أي بعد الغروب بحيث يتأتى رؤيته كما مر آنفا عن سم




                                                                                                                              الخدمات العلمية