الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 268 ] [ ص: 269 ] قاعدة حسنة

في الباقيات الصالحات وبيان اقتران التهليل

بالتكبير والتسبيح بالتحميد [ ص: 270 ] [ ص: 271 ] الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، وسلم تسليما كثيرا دائما إلى يوم الدين.

فصل

في الباقيات الصالحات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر

فقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "أفضل الكلام بعد القرآن أربع وهن من القرآن: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر". وقد ذكرنا ما يتعلق بمعانيها في مواضع ، والمقصود هنا أن نقول: التسبيح مقرون بالتحميد، والتهليل مقرون بالتكبير، فإن الله تعالى يذكر في غير موضع التسبيح بحمده، كقول الملائكة: ونحن نسبح بحمدك ، وقوله: الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ، وقوله تعالى: ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ، وقوله: وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ، وقوله: وسبح بحمد ربك حين تقوم .

ولا ريب أن الصلاة الشرعية تتضمن ما أمر به من التسبيح بحمده، كما قد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك في مثل حديث جرير المتفق عليه أنه [ ص: 272 ] نظر إلى القمر فقال: "إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا" ثم قرأ: وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب .

وأيضا ففي صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سئل أي الكلام أفضل؟ قال: "ما اصطفى الله لملائكته: سبحان الله وبحمده". وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "كلمتان حبيبتان إلى الرحمن خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم".

وأما التكبير فهو مقرون بالتهليل في الأذان، فإن المؤذن يكبر ويهلل، وفي تكبير الإشراف: كان إذا علا نشزا كبر ثلاثا وقال: "لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، آئبون تائبون عابدون لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده". وهو في الصحيحين . وكذلك على الصفا والمروة، وكذلك إذا ركب دابة، وكذلك في تكبير الأعياد.

والتكبير مشروع في الأماكن العالية، والتسبيح عند الانخفاض، كما في السنن عن جابر قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا علونا [ ص: 273 ] كبرنا، وإذا هبطنا سبحنا". فوضعت الصلاة على ذلك، والمصلي في ركوعه وسجوده يسبح، ويكبر في الخفض والرفع، كما جاءت الأحاديث الصحيحة بمثل ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

التالي السابق


الخدمات العلمية