الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وصريحه بظهر مؤبد تحريمها أو عضوها أو ظهر ذكر )

                                                                                                                            ش : يعني أن ألفاظ الظهار على نوعين : صريح ، وكناية فالصريح ما فيه ظهر مؤبد تحريمها قال في التوضيح : وهذا لا خلاف فيه ، والمشهور قصر الصريح على ما ذكر ، وقال ابن عرفة الصيغة قال ابن الحاجب وابن شاس : صريحه ما فيه ظهر مؤبدة التحريم كظهر أمي أو عمتي ، وكنايته الظاهرة ما سقط فيه أحدهما كأمي أو كظهر فلانة الأجنبية ، والخفية كاسقني الماء مرادا به الظهار ابن رشد صريحه عند ابن القاسم وأشهب ما ذكر فيه الظهر في ذات محرم ، وغيرها ، وعند ابن الماجشون ما ذكر فيه ذات محرم ، ولو لم يذكر الظهر ، وكنايته عند أشهب أن لا يذكر الظهر في غير ذات محرم ، ولو لم يذكر الظهر ، وما ذكر فيه الظهر عند ابن الماجشون غير كناية فلا كناية عنده انتهى .

                                                                                                                            ( قلت ) ما ذكر عن ابن رشد مخالف لكلامه في المقدمات ، ونص كلامه ، وله صريح ، وكنايات فصريحه عند ابن القاسم [ ص: 116 ] وأشهب روايتهما عن مالك أن يذكر الظهر في ذات محرم ، وكنايته عند ابن القاسم أن لا يذكر الظهر في ذات محرم أو يذكر الظهر في غير ذات محرم ، وكنايته عند أشهب أن لا يذكر الظهر في غير ذات محرم ، ومن صريحه عند ابن الماجشون أن لا يذكر الظهر في ذات محرم ، وليس من كناياته عنده أن لا يذكر الظهر في غير ذات محرم ، فلا كناية عنده للظهار انتهى فكلام ابن شاس وابن الحاجب موافق لما ذكره ابن رشد عن ابن القاسم ، وهو خلاف ما ذكره ابن عرفة ، ولعل في كلامه سقطا أو في نسخته من المقدمات سقط ، والله أعلم ، وأما قول المصنف أو عضوها أو ظهر ذكر فمشكل ; لأنه يقتضي أنه إذا شبه بعضو من ذوات محارمه فإنه من الصريح .

                                                                                                                            وليس كذلك بل صرح في الجواهر بأنه إذا شبه بعضو من ذوات المحارم فإنه من الكنايات الظاهرة ، ونصه الركن الثالث اللفظ ، وهو قسمان : صريح ، وكناية ، والصريح ما تضمن ذكر الظهر في محرم من النساء كقوله أنت علي كظهر أمي أو أختي أو عمتي أو من أمي من الرضاعة ، والكناية نوعان : ظاهرة ، وهي ما تضمنت ذكر الظهر في المحرم أو التشبيه بالمحرم من غير ذكر الظهر كقوله أنت علي مثل أمي أو حرام كأمي أو مثل أمي أو فخذها أو بعض أعضائها ، وكقوله أنت علي كظهر فلانة الأجنبية ، وهي متزوجة أو غير متزوجة ، وخفية ، وهي ما لا تقتضي الظهار بوجه كقوله ادخلي أو اخرجي أو تمتعي ، وشبهه انتهى .

                                                                                                                            ، وقال في التوضيح ، ونص في الجواهر على أنه يلحق به بقوله كأمي في كونه كناية ظاهرة ما لو قال : أنت كخد أمي أو رأسها أو عضو من أعضائها انتهى .

                                                                                                                            ، وأما إذا قال كظهر ذكر فاختلف هل هو من ألفاظ الظهار أم لا ؟ ومذهب ابن القاسم أنه ظهار لكن غايته أن يكون كالكناية الظاهرة ، وفي كلامه في التوضيح إشارة إلى ذلك ، وسيأتي في التنبيه الثالث ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( تنبيهات الأول ) يدخل في الصريح على ما قال المصنف : ما إذا شبه بظهر ملاعنة ، وقد أدخله المصنف في كلام ابن الحاجب ، وقال إنه يتناول الملاعنة ; وليست محرما إذ المحرم من حرم نكاحها على التأبيد لحرمتها ، فقولنا لحرمتها احتراز من الملاعنة لأن تحريمها ليس لحرمتها بل لعارض انتهى ، ويدخل في الكناية الظاهرة ما إذا شبه بظهر أخت زوجته أو عمتها أو خالتها ، وقال في الجواهر ، ونصه ، ولو شبه بمحرمة لا على التأبيد فإن ذكر الظهر فهي من الكناية الظاهرة ، وقد تقدم حكمها انتهى .

                                                                                                                            ( الثاني ) لا فرق بين أن يقول أنت علي كظهر أمي ، وأنت كظهر أمي بحذف على قاله في اللباب ( الثالث ) تحصل مما تقدم أن القسمة رباعية تارة يذكر الظهر من غير مؤبدة التحريم ، وتارة يذكر مؤبدة التحريم من غير ظهر ، وتارة يذكر غير مؤبدة التحريم بغير ظهر ، والقسم الأول هو الصريح ، والثاني ، والثالث هما الكناية الظاهرة ، وبقي القسم الرابع ، وسيذكر المصنف حكمه ، وأنه يلزم فيه البتات إلا أن ينوي به الظهار ، وقال في التوضيح : لما تكلم على هذا القسم الرابع فإن قلت هذه المسألة ، وما بعدها من أي الأقسام هي فإنها ليست من صريح الظهار قطعا ، ولا من الكناية الخفية والمصنف يعني ابن الحاجب قد أخرجها من الكناية الظاهرة قيل هي كالمترددة بين الظاهرة ، والخفية ، ولذلك ذكرها المصنف بينهما انتهى ، وهذا كلام التوضيح الموعود به ، وقوله ، وما بعدها يعني به مسألة التشبيه بظهر الذكر ، ومسألة قوله كابني ، وغلامي ، ومسألة أنت حرام كظهر أمي أو كأمي ، وهذا الكلام صريح في أن التشبيه بظهر الذكر ليس من الصريح قطعا ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية