الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            [ ص: 348 ] الفتاوى الأصولية

            مسألة : - وقعت في الدرس - قال الشيخ جلال الدين المحلي في شرح جمع الجوامع : وإثم القاتل الذي هو مجمع عليه لإيثاره نفسه بالبقاء على مكافئه الذي خيره بينهما المكره بقوله : اقتل هذا وإلا قتلتك ، أقول : أشكل إعراب (الذي) ، وعائده ، فإن الممكن فيه أمور مع القطع بأن الهاء في خيره عائدة على القاتل ، وفاعل خير المكره .

            أحدها : أن يجعل (الذي) صفة لمكافئ ، ويشكل عليه عود ضمير بينهما وهو مثنى على (الذي) وهو مفرد ، والعائد يشترط فيه المطابقة .

            الثاني : أن يجعل صفة لنفسه ومكافئه ؛ إما على أنها صفة سببية لا يشترط فيها المطابقة كقولك : مررت بالرجلين الضارب أبوهما عمرا ، أو هو فاسد لاختلاف إعرابهما فإن نفسه منصوب ، ومكافئه مجرور ; ولأن الإفراد في المثال المذكور لإسناد الوصف إلى الظاهر ، ولا إسناد في (الذي) ، وإنما ربطه مررت بالرجلين الذي ضرب أبوهما عمرا .

            الثالث أن يجعل صفة لهما على أن ( الذي ) أريد به الجنس ، ( والذي ) إذا أريد به الجنس جاز إطلاقه على المثنى والجمع على حد قوله : ( كمثل الذي استوقد نارا ) ( وخضتم كالذي خاضوا ) فحصلت المطابقة ، وأما اختلاف الإعراب فيوجب جعل الذي نعتا مقطوعا على الرفع أو النصب ولا يخل بالتركيب .

            الرابع : أن يجعل صفة للبقاء ، والبقاء معرف بلام الجنس صادق بالواحد فأكثر ، فجاء الموصول مراعاة للفظ ، والضمير مراعاة لمعناه كما هو المعهود في مثل ذلك ، وهذا أمثل الأوجه وأقربها .

            الخامس : أن يجعل صفة لإيثاره كذلك .

            السادس : أن يجعل صفة للقاتل ، فالعائد الهاء في خيره ، وهذا أسهل الأوجه لكنه بعيد معنى وإعرابا أيضا لما فيه من الفصل الكثير بين الصفة والموصوف .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية