الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                [ ص: 293 ] [سورة عم يتساءلون]

                                                                                                                                                                                                مكية، وتسمى سورة النبإ، وهي أربعون، أو إحدى وأربعون آية

                                                                                                                                                                                                [نزلت بعد المعارج]

                                                                                                                                                                                                بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                عم يتساءلون عن النبإ العظيم الذي هم فيه مختلفون

                                                                                                                                                                                                عم أصله عما، على أنه حرف جر دخل على ما الاستفهامية وهو في قراءة عكرمة وعيسى بن عمر . قال حسان رضي الله عنه [من الوافر]:


                                                                                                                                                                                                على ما قام يشتمني لئيم كخنزير تمرغ في رماد

                                                                                                                                                                                                [ ص: 294 ] والاستعمال الكثير على الحذف، والأصل: قليل ومعنى هذا الاستفهام: تفخيم الشأن، كأنه قال: عن أي شأن يتساءلون ونحوه ما في قولك: زيد ما زيد؟ جعلته لانقطاع قرينه وعدم نظيره كأنه شيء خفي عليك جنسه فأنت تسأل عن جنسه وتفحص عن جوهره، كما تقول: ما الغول وما العنقاء؟ تريد: أي شيء هو من الأشياء هذا أصله; ثم جرد العبارة عن التفخيم، حتى وقع في كلام من لا تخفى عليه خافية.

                                                                                                                                                                                                يتساءلون يسأل بعضهم بعضا. أو يتساءلون غيرهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين نحو: يتداعونهم ويتراءونهم. والضمير لأهل مكة : كانوا يتساءلون فيما بينهم عن البعث، ويتساءلون غيرهم عنه على طريق الاستهزاء عن النبإ العظيم بيان للشأن المفخم. وعن ابن كثير قرأ: "عمه" بهاء السكت، ولا يخلو: إما أن يجري الوصل مجرى الوقف وإما أن يقف ويبتدئ: يتساءلون عن النبإ العظيم على أن يضمر يتساءلون لأن ما بعده يفسره، كشيء يبهم ثم يفسر. فإن قلت: قد زعمت أن الضمير في يتساءلون للكفار. فما تصنع بقوله: هم فيه مختلفون ؟ قلت: كان فيهم من يقطع القول بإنكار البعث، ومنهم من يشك. وقيل: الضمير للمسلمين والكافرين جميعا، وكانوا جميعا يسألون عنه. أما المسلم فليزداد خشية واستعدادا وأما الكافر فليزداد استهزاء. وقيل: المتساءل عنه القرآن. وقيل: نبوة محمد صلى الله عليه وسلم. وقرئ: يساءلون بالإدغام، وستعلمون بالتاء.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية