الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( الفرق السابع والثلاثون بين قاعدة تعليق المسببات على المشيئة وقاعدة تعليق سببية الأسباب على المشيئة ) فالأول عندنا غير قادح ولا يؤثر إلا في اليمين بالله تعالى دون الطلاق والعتاق وغيرهما وعند الشافعي رضي الله عنه هو مؤثر في الجميع وفرق بين قوله أنت طالق إن دخلت الدار إن شاء الله ويعيد الاستثناء على الدخول فلا يلزم الطلاق أو على الطلاق فيلزم وإذا قال إن كلمت زيدا فعلي الحج إلى بيت الله الحرام إن شاء الله فلا يلزمه شيء إن أعاد الاستثناء على كلام زيد ويلزم إن أعاده على الحج وبسط ذلك قد تقدم في الفرق بين الشرط اللغوي وغيره من الشروط فيطالع من هنالك مبسوطا مستوفى محررا في غاية البيان والجودة فلا حاجة إلى التطويل بإعادته .

التالي السابق


حاشية ابن الشاط

[ ص: 208 - 209 ] قال ( الفرق السابع والثلاثون بين قاعدة تعليق المسببات على المشيئة وقاعدة تعليق سببية الأسباب على المشيئة إلى آخر الفرق ) قلت أحال هنا على الفرق بين الشرط اللغوي وغيره وقد تقدم الكلام معه في ذلك



حاشية ابن حسين المكي المالكي

( الفرق السابع والثلاثون بين قاعدة تعليق المسببات على المشيئة وقاعدة تعليق سببية الأسباب على المشيئة ) اعلم أن المسببات هي ما علق على مثل الدخول والكلام من الطلاق والعتاق والنذر وغيرها في نحو قوله أنت طالق إن دخلت الدار إن شاء الله أو إن دخلت الدار إن شاء الله فعبدي حر أو إن كلمت زيدا فعلي الحج إلى بيت الله الحرام إن شاء الله وحصل الدخول والكلام والأسباب هي نحو الدخول والكلام المعلق عليه ما ذكر من الطلاق وغيره وقد فرقوا في المذهب بين أن يعيد المشيئة في الأمثلة المذكورة للدخول أو الكلام أي لجعله سببا للطلاق وغيره فلا يلزمه الطلاق والعتاق والنذر وغيرها بلا خلاف لأن الدخول ونحوه من أسباب الأحكام التي وكلها الله لخيرة خلقه فحيث أعاد المشيئة له ولم يجزم بجعله [ ص: 209 ] سببا للطلاق وغيره نفعه وبين أن يعيد المشيئة للطلاق أو العتاق والنذر فيلزمه على المشهور وهو مذهب ابن القاسم بناء على أصله من اعتبار الشك في العصمة والعتق والنذر ونحوها فيقع الطلاق ويلزم العتق والنذر لأن الطلاق ونحوه من أسباب الأحكام التي لم يكلها الله تعالى لخيرة خلقه فلا يتأتى فيها عدم الجزم بجعلها أسبابا لمسبباتها الشرعية فافهم وبيان الشك هنا أن متعلق المشيئة الذي هو الطلاق أي حل العصمة والعتق والنذر أمر اعتباري لا وجود له في الخارج حتى تعلم فيه مشيئة الله عز وجل بأنه أراد الطلاق والعتاق والنذر على التعيين أم لا ولا طريق لنا إلى التوصل إلى ذلك فالمشيئة عندنا لا تؤثر إلا في اليمين بالله تعالى دون الطلاق والعتاق وغيرهما وعند الشافعي رضي الله تعالى عنه عنه تؤثر المشيئة في الجميع كذا قال الأصل وهو مبني على ما بسطه فيما تقدم في الفرق بين الشرط اللغوي وغيره من الشروط من حمل قول ابن القاسم بأن المشيئة إذا عادت للمسببات من طلاق وغيره لا تؤثر إلا في اليمين بالله تعالى بناء على أصله من اعتبار الشك في العصمة كما علمت .

وقول عبد الملك بأنها إذا عادت للمسببات من طلاق وغيره أثرت فيها كاليمين بالله تعالى بناء على أصله من إلغاء الشك في العصمة والعتق والنذر وغيرها على الاختلاف وحمل قولي ابن القاسم وعبد الملك بأنها إذا عادت لنحو الدخول والكلام لا تنفعه أو تنفعه على الوفاق مطلقا ولو احتمل المثال رجوعه للمعلق عليه وادعاه مع البينة بأن يوفق بينهما بما حاصله أنه لو جزم بجعل المعلق عليه سببا للطلاق ونحوه لم ينفعه الاستثناء كما قال ابن القاسم ولو لم يجزم بجعله سببا نفعه كما قال عبد الملك إذ الفعل من أسباب الأحكام التي وكلها الله تعالى لخيرة خلقه وهو خلاف التحقيق وقد تقدم بسط الكلام على ذلك وبيان ما هو التحقيق في ذلك الفرق فلا حاجة إلى التطويل بإعادته والله سبحانه وتعالى أعلم .




الخدمات العلمية