الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                        [ ص: 6051 ] كتاب القطع في السرقة

                                                                                                                                                                                        النسخ المقابل عليها

                                                                                                                                                                                        1 - (ف) نسخة فرنسا رقم (1071)

                                                                                                                                                                                        2 - (ق 6) نسخة القرويين رقم (368)

                                                                                                                                                                                        3 - (ق 7) نسخة القرويين رقم (367) [ ص: 6052 ]

                                                                                                                                                                                        [ ص: 6053 ]

                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                        وصلى الله على محمد وآله وسلم تسليما

                                                                                                                                                                                        كتاب القطع في السرقة

                                                                                                                                                                                        الأصل في قطع السارق قول الله تعالى: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما [المائدة: 38] ، وأبان النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا قطع فيما يقتضيه ظاهر الآية، إلا أن يسرق نصابا من حرزه، فأما النصاب فالأصل فيه حديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يقطع السارق إلا في ربع دينار فصاعدا" . وفي بعض طرقه: "لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا". أخرجه البخاري ومسلم . وفي الحرز قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا قطع في ثمر معلق ولا في حريسة جبل، فإذا آواه المراح أو الجرين فالقطع فيما بلغ ثمن المجن" . وهذا الحديث وإن لم يكن من طريق صحيح، فقد صحبه العمل، [ ص: 6054 ] أعني في مراعاة الحرز.

                                                                                                                                                                                        ولا يقطع السارق إلا بعد اعتبار خمسة أشياء:

                                                                                                                                                                                        أحدها: قدر السرقة وهو أن يكون نصابا.

                                                                                                                                                                                        والثاني: معرفة صفة السرقة وهي أن تكون مما يجوز ملكها وبيعها.

                                                                                                                                                                                        والثالث: أن تؤخذ من حرز.

                                                                                                                                                                                        والرابع: صفة السارق أن يكون بالغا عاقلا.

                                                                                                                                                                                        والخامس: أن يسرق ممن لا شبهة له في ماله ليس ابنه ولا عبده.

                                                                                                                                                                                        ومن المدونة: وإذا شهد شاهدان على رجل بالسرقة سألهما الإمام عن السرقة ما هي؟ وكيف هي؟ ومن أين أخذها؟ وإلى أين أخرجها؟ وإن شهد أربعة بالزنا سألهم كيف رأوه؟ وكيف صنع؟ فإن وجد ما يدرأ به الحد درأه .

                                                                                                                                                                                        قال الشيخ -رحمه الله-: فقد يظنون أن الوطء بين الفخذين أو إذا رأوه عليها يحكم عليه بحكم الزنا فيكشفون هل رأوا الفرج في الفرج؟ وهل كان ذلك بآدمية؟ ويكشفون في السرقة عن الوجوه التي تقدم ذكرها من قدر السرقة، وهل هي مما يجوز بيعها، وعن الحرز وممن سرق؟ فإن غابوا قبل أن يسألوا، ولم يقولوا أنه سرق سرقة توجب القطع لم يقطع لإمكان أن يكون دون نصاب، أو من غير حرز، أو غير ذلك. وإن قالوا: إنها مما يجب فيها القطع كشفوا أيضا; [ ص: 6055 ] لأنه يمكن أن يذهب عنهم بعض ما يوجب القطع فإن لم يسألوا حتى غابوا لم يقطع إلا أن يكونوا من أهل العلم، ومذهبهم مذهب الحاكم، وكذلك في الزنا إن غابوا قبل أن يسألوا لم يحد إلا أن يكونوا من أهل العلم بما يوجب الحد.

                                                                                                                                                                                        وإن غاب ثلاثة من شهود الزنا أو واحد من شاهدي السرقة، سئل الباقي.

                                                                                                                                                                                        قال محمد: وإن كانوا في الشهادة على الزنا أكثر من أربعة فغاب أربعة، لم يسأل الباقي . وليس هذا بالبين، بل يسأل فإن ذكر وجها لا يوجب الحد لم يحد، وشهادته شبهة فيما لم يسألوا عنه، وكذلك السرقة إذا شهد ثلاثة، فغاب اثنان وذكر الثالث وجها لا يوجب القطع، فإنه لا يقطع; لأن الحاكم ليس على يقين من الغيب أنهم يخالفون الحاضر .

                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية