الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 732 ] 111 - سورة المسد .

                                                                                                                                                                                                                                      مكية وآياتها خمس

                                                                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت تبت يدا أبي لهب بمكة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير وعائشة مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال : ما كان أبو لهب إلا من كفار قريش ما هو حتى خرج من الشعب حين تمالأت قريش حتى حصرنا في الشعب وظاهرهم فلما خرج أبو لهب من الشعب لقي هندا ابنة عتبة بن ربيعة حين فارق قومه فقال : يا ابنة عتبة هل نصرت اللات والعزى قالت : نعم فجزاك الله خيرا يا أبا عتبة، قال : إن محمدا يعدنا أشياء لا نراها كائنة يزعم أنها كائنة بعد الموت فماذا وضع في يدي ثم نفخ في يديه ثم قال : تبا لكما ما أرى فيكما شيئا مما يقول محمد فنزلت تبت يدا أبي لهب قال ابن عباس : فحصرنا في الشعب ثلاث سنين وقطعوا عنا الميرة حتى إن الرجل منا ليخرج بالنفقة فما يبايع حتى يرجع حتى هلك منا من هلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن عباس قال : لما نزلت وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين خرج [ ص: 733 ] النبي صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا فهتف : يا صباحاه فاجتمعوا إليه فقال : أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي قالوا : ما جربنا عليك كذبا، قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب : تبا لك إنما جمعتنا لهذا ثم قام فنزلت هذه السورة تبت يدا أبي لهب وتب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر، وابن مردويه عن ابن عمر في قوله : تبت يدا أبي لهب قال : خسرت .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن ابن عباس في تبت يدا أبي لهب قال : خسرت وتب قال : خسر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة تبت يدا أبي لهب وتب قال : خسرت يدا أبي لهب وخسر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : إنما سمي أبا لهب من حسنه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ابنه من كسبه ثم قرأت ما أغنى عنه ماله وما كسب قالت : [ ص: 734 ] وما كسب ولده .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق عن عطاء قال : كان يقال : ما أغنى عنه ماله وما كسب ولده كسبه ومجاهد وعائشة قالاه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني عن قتادة قال : كانت رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم عند عتبة بن أبي لهب فلما أنزل الله عز وجل تبت يدا أبي لهب سأل النبي صلى الله عليه وسلم طلاق رقية فطلقها فتزوجها عثمان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني عن قتادة قال : تزوج أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عتيبة بن أبي لهب كانت رقية عند أخيه عتبة بن أبي لهب فلما أنزل الله تبت يدا أبي لهب قال أبو لهب لابنيه عتيبة وعتبة : رأسي من رأسكما حرام إن لم تطلقا ابنتي

                                                                                                                                                                                                                                      محمد وقالت أمهما بنت حرب بن أمية وهي حمالة الحطب : طلقاهما فإنهما قد صبتا فطلقاهما .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق والحاكم، وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : وما كسب قال : كسبه ولده .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 735 ] وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير، وابن المنذر، عن مجاهد : وما كسب . قال : ولده .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن يزيد ابن زيد رجل من همدان أن امرأة أبي لهب كانت تلقي في طريق النبي صلى الله عليه وسلم الشوك فنزلت تبت يدا أبي لهب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى نارا ذات لهب وامرأته حمالة الحطب فلما نزلت بلغ امرأة أبي لهب أن النبي يهجوك قالت : علام يهجوني هل رأيتموني كما قال محمد أحمل حطبا في جيدي حبل من مسد فمكثت ثم أتته فقالت : إن ربك قلاك وودعك فأنزل الله والضحى إلى وما قلى .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن ابن زيد وامرأته حمالة الحطب قال : كانت تأتي بأغصان الشوك تطرحها بالليل في طريق رسول الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد وامرأته حمالة الحطب قال : كانت تمشي [ ص: 736 ] بالنميمة في جيدها حبل من مسد من نار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم عن قتادة وامرأته حمالة الحطب قال : كانت تنقل الأحاديث من بعض الناس إلى بعض في جيدها حبل قال : عنقها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن حمالة الحطب قال : كانت تحمل النميمة فتأتي بها بطون قريش .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه، وابن الأنباري في المصاحف عن عروة بن الزبير في جيدها حبل من مسد قال : سلسلة من حديد من نار ذرعها سبعون ذراعا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي : حبل من مسد . قال : ليف وأخرج ابن الأنباري عن مجاهد في جيدها حبل من مسد قال : مثل حديدة البكرة .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 737 ] وأخرج ابن الأنباري عن قتادة في جيدها حبل من مسد قال : من الودع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر عن ابن عباس في قوله : وامرأته حمالة الحطب قال : كانت تحمل الشوك فتطرحه على طريق النبي صلى الله عليه وسلم ليعقره وأصحابه ويقال حمالة الحطب نقالة الحديث حبل من مسد

                                                                                                                                                                                                                                      قال : هي حبال تكون بمكة ويقال المسد العصا التي تكون في البكرة ويقال : المسد قلادة لها من ودع .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن عقيلا دخل على معاوية، فقال معاوية لعقيل : أين ترى عمك أبا لهب من النار؟ فقال له عقيل : إذا دخلتها فهو على يسارك مفترش عمتك حمالة الحطب، والراكب خير من المركوب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن عساكر بسند فيه الكديمي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بعثت ولي أربع عمومة فأما العباس فيكنى بأبي الفضل ولولده الفضل إلى يوم القيامة وأما حمزة فيكنى بأبي يعلى فأعلى الله قدره في [ ص: 738 ] الدنيا والآخرة وأما عبد العزى فيكنى بأبي لهب فأدخله الله النار وألهبها عليه وأما عبد مناف فيكنى بأبي طالب فله ولولده المطاولة والرفعة إلى يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا ، وابن عساكر عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : مرت درة ابنة أبي لهب برجل فقال : هذه ابنة عدو الله أبي لهب فأقبلت عليه فقالت ذكر الله أبي بنباهته وشرفه وترك أباك لجهالته ثم ذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فخطب الناس فقال : لا يؤذين مسلم بكافر .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر وأبي هريرة وعمار بن ياسر قالوا : قدمت درة بنت أبي لهب مهاجرة فقال لها نسوة : أنت درة بنت أبي لهب الذي يقول الله : تبت يدا أبي لهب فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فخطب فقال : يا أيها الناس مالي أوذى في أهلي فوالله إن شفاعتي لتنال بقرابتي حتى إن حكما وحاء وصداء وسلهبا تنالها يوم القيامة بقرابتي

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية