الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( كتاب الإباق )

                                                                                                                                الكلام في هذا الكتاب في مواضع في تفسير الآبق ، وفي بيان حاله ، وفي بيان ما يصنع به ، وفي بيان حكم ماله ( أما ) الأول فالآبق اسم لرقيق يهرب من مولاه وأما حاله فحال اللقطة قبل الأخذ وبعده وقد ذكرنا تفاصيله في كتاب اللقطة .

                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما بيان ما يصنع به فنقول وبالله التوفيق - : إذا أخذ الآبق لصاحبه فإن شاء الآخذ أمسكه على صاحبه حتى يجيء فيأخذه ، وإن شاء ذهب به إلى صاحبه فرده عليه فإن أمسكه فجاء إنسان وادعى أنه عبده فإن أقام البينة دفعه إليه وأخذ منه كفيلا إن شاء لجواز أن يجيء آخر فيدعيه ويقيم البينة فله أن يستوثق بكفيل وإن لم يكن له بينة ولكن أقر العبد بذلك دفعه إليه أيضا ; لأنه ادعى شيئا لا ينازعه فيه أحد فيكون له ويأخذ منه كفيلا إن شاء لما قلنا وما أنفق عليه فإن كان بإذن القاضي يرجع به على صاحبه وإلا فلا ; لأنه يكون متطوعا فإن طالت المدة ولم يجئ له طالب باعه القاضي وأخذ ثمنه يحفظه على صاحبه ; لأن ذلك حفظ له معنى ، فإن باعه وأخذ ثمنه ثم جاء إنسان وأقام البينة أنه عبده دفع الثمن إليه وليس له أن ينقض البيع ; لأن البيع من القاضي صدر عن ولاية شرعية ; لأنه من باب حفظ ماله إذ لو لم يبع لأتت النفقة على جميع قيمته فيضيع المال فكان بيعه حفظا له من حيث المعنى والقاضي يملك مال الغائب ; ولهذا يبيع ما يتسارع إليه الفساد .

                                                                                                                                ولو زعم المدعي أنه قد كان دبره أو كاتبه لم يصدق في نقض البيع لما قلنا وينفق القاضي عليه في مدة حبسه إياه من بيت المال ثم إذا جاء صاحبه أخذه من صاحبه أو من ثمنه إن باعه ; لأن الإنفاق عليه إحياء ماله فيكون عليه وإذا جاء بالآبق له أن يمسكه بالجعل ; لأنه إذا جاء به فقد استحق الجعل على مالكه فكان له حق حبسه بالجعل كما يحبس المبيع لاستيفاء الثمن .

                                                                                                                                ولو هلك في حال الحبس لا ضمان عليه لكن يسقط الجعل كما لا ضمان على البائع بهلاك المبيع المحبوس بالثمن ، لكن يسقط الثمن عن المشتري .

                                                                                                                                ولا يقبل كتاب القاضي إلى القاضي في الرقيق في قول أبي حنيفة ومحمد ، وعند أبي يوسف يقبل في العبد ولا يقبل في الجارية وهذه المسألة في كتاب القاضي في بيان شرائط قبول كتاب القاضي إلى القاضي .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية