الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 57 ] حرف الراء الراء من الحروف المجهورة ، وهي من الحروف الذلق ، وسميت ذلقا لأن الذلاقة في المنطق إنما هي بطرف أسلة اللسان ، والحروف الذلق ثلاثة : الراء واللام والنون ، وهن في حيز واحد ، وقد ذكرنا في أول حرف الباء دخول الحروف الستة الذلق والشفوية كثرة دخولها في أبنية الكلام .

                                                          [ رأب ]

                                                          رأب : رأب إذا أصلح . ورأب الصدع والإناء يرأبه رأبا ورأبة : شعبه . وأصلحه ، قال الشاعر :


                                                          يرأب الصدع والثأي برصين من سجايا آرائه ويغير



                                                          الثأى : الفساد ، أي : يصلحه ويغير : يمير ، وقال الفرزدق :


                                                          وإني من قوم بهم يتقى العدا     ورأب الثأى والجانب المتخوف



                                                          أراد : وبهم رأب الثأى ، فحذف الباء لتقدمها في قوله بهم تتقى العدا ، وإن كانت حالاهما مختلفتين ، ألا ترى أن الباء في قوله بهم يتقى العدا منصوبة الموضع ، لتعلقها بالفعل الظاهر الذي هو يتقى ، كقولك : بالسيف يضرب زيد ، والباء في قوله وبهم رأب الثأى مرفوعة الموضع عند قوم ، وعلى كل حال فهي متعلقة بمحذوف ورافعة الرأب . والمرأب : المشعب . ورجل مرأب ورأاب : إذا كان يشعب صدوع الأقداح ، ويصلح بين القوم ، وقوم مرائيب ، قال الطرماح يصف قوما :


                                                          نصر للذليل في ندوة الحي     مرائيب للثأى المنهاض



                                                          وفي حديث علي - كرم الله وجهه - يصف أبا بكر - رضي الله عنه - : كنت للدين رأابا . الرأب : الجمع والشد . ورأب الشيء إذا جمعه وشده برفق .

                                                          وفي حديث عائشة تصف أباها - رضي الله عنهما - : يرأب شعبها ، وفي حديثها الآخر : ورأب الثأى ، أي : أصلح الفاسد وجبر الوهي . وفي حديث أم سلمة لعائشة - رضي الله عنهما - : لا يرأب بهن إن صدع . قال ابن الأثير : قال القتيبي : الرواية صدع ، فإن كان محفوظا ، فإنه يقال : صدعت الزجاجة فصدعت ، كما يقال : جبرت العظم فجبر ، وإلا فإنه صدع ، أو انصدع . ورأب بين القوم يرأب رأبا : أصلح ما بينهم . وكل ما أصلحته فقد رأبته ، ومنه قولهم : اللهم ارأب بينهم ، أي : أصلح ، قال كعب بن زهير :


                                                          طعنا طعنة حمراء فيهم     حرام رأبها حتى الممات



                                                          وكل صدع لأمته ، فقد رأبته . والرؤبة : القطعة تدخل في الإناء ليرأب . والرؤبة : الرقعة التي يرقع بها الرحل إذا كسر . والرؤبة مهموزة : ما تسد به الثلمة ، قال طفيل الغنوي :


                                                          لعمري لقد خلى ابن جندع ثلمة     ومن أين إن لم يرأب الله ترأب



                                                          قال يعقوب : هو مثل لقد خلى ابن خيدع ثلمة . قال : وخيدع هي امرأة ، وهي أم يربوع ، يقول : من أين تسد تلك الثلمة ، إن لم يسدها الله ، ورؤبة : اسم رجل . والرؤبة : القطعة من الخشب يشعب بها الإناء ويسد بها ثلمة الجفنة ، والجمع رئاب . وبه سمي رؤبة بن العجاج بن رؤبة ، قال أمية يصف السماء :


                                                          سراة صلابة خلقاء صيغت     تزل الشمس ليس لها رئاب



                                                          أي : صدوع . وهذا رئاب قد جاء ، وهو مهموز : اسم رجل . التهذيب : الرؤبة الخشبة التي يرأب بها المشقر ، وهو القدح الكبير من الخشب . والرؤبة : القطعة من الحجر ترأب بها البرمة ، وتصلح بها .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية