الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( القاعدة الحادية والسبعون ) : فيما يجوز الأكل من الأموال بغير إذن مستحقيها وهي نوعان : مملوك تعلق به حق الغير ومملوك للغير .

فأما الأول فهو مال الزكاة

فيجوز الأكل مما تتوق إليه الأنفس ويشق الانكفاف عنه من الثمار بقدر ما يحتاج إليه من ذلك ويطعم الأهل والضيفان ولا يحتسب زكاته وكذلك يجب على الخارص أن يدع خرصه الثلث أو الربع بحسب ما يقتضيه الحال من كثرة الحاجة وقلتها كما دلت عليه السنة فإن استبقيت ولم تؤكل رطبة رجع عليهم بزكاتها ، وأما الزروع فيجوز الأكل منها بقدر ما جرت العادة بأكله فريكا ونحوه نص عليه وليس له الإهداء منها ، وخرج القاضي في الأكل منها وجهين من الأكل من الزروع التي ليس لها حافظ .

وأما الثاني : فينقسم إلى ما له مالك معين وإلى ما له مالك غير معين فأما ما له مالك غير معين كالهدي والأضاحي فيجوز لمن هي في يده وهو المهدي والمضحي أن يأكل منها ويدخر ويهدي كما دلت عليه السنة ، وهل يجوز أكل أكثر من الثلث أم لا ؟ على وجهين أشهرهما الجواز ، وهل المستحب أن يقسم الهدي أثلاثا كالأضاحي أو يتصدق به كله أو بما يأكله منه ؟ على وجهين ، وأما ما له مالك معين فنوعان :

أحدهما : أن يكون له عليه ولاية فإن كانت الولاية عليه لحفظ نفسه كالرهن فإنه يجوز له الأكل مما بيده إذا كان دارا والانتفاع بظهره إذا كان مركوبا لكن بشرط أن يعاوض عنه بالنفقة وإن كانت الولاية لمصلحة المولى عليه فالمنصوص جواز الأكل منه أيضا بقدر عمله .

ويتخرج على ذلك صور : منها ولي اليتيم يأكل مع الحاجة بقدر عمله وهل يرده إذا أيسر ؟ على روايتين واختار ابن عقيل [ ص: 131 ] أنه يأكل مع الحاجة وعدمها ولو فرض له الحاكم شيئا جاز له أخذه مجانا بغير خلاف هذا ظاهر كلام القاضي ونص [ عليه ] أحمد في رواية البرزاطي في الأم الحاضنة أنها لا تأكل من مال ولدها إلا لضرورة إلا أن يفرض لها الحاكم في المال حق الحضانة ووجهه أن من أعطاه غيره فله تدودت مع الغنى بخلاف الأخذ بنفسه ولهذا أجاز للوصي الأخذ إذا شرط له الأب مع غناه وجاز للولي أن يدفع مال اليتيم مضاربة إلى من يعمل فيه بجزء من ربحه ولم يجز له إذا عمل فيه بنفسه أن يأخذ ولهذا المعنى جاز الأخذ لعامل الزكاة مع الغنى لأن المعطي له [ هو ] الإمام

التالي السابق


الخدمات العلمية