الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 16 ] ( قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير )

                                                                                                                                                                                                                                            قوله تعالى : ( قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير ) .

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أن قوله : ( إن كنت على بينة من ربي ) ورد بحرف الشك ، وكان على يقين تام في أمره ، إلا أن خطاب المخالف على هذا الوجه أقرب إلى القبول ، فكأنه قال : قدروا أني على بينة من ربي ، وأني نبي على الحقيقة ، وانظروا أني إن تابعتكم وعصيت ربي في أوامره فمن يمنعني من عذاب الله ، فما تزيدونني على هذا التقدير غير تخسير ، وفي تفسير هذه الكلمة وجهان :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : أن على هذا التقدير تخسرون أعمالي وتبطلونها .

                                                                                                                                                                                                                                            الثاني : أن يكون التقدير : فما تزيدونني بما تقولون لي وتحملوني عليه غير أن أخسركم - أي أنسبكم إلى الخسران - وأقول لكم : إنكم خاسرون ، والقول الأول أقرب ؛ لأن قوله : ( فمن ينصرني من الله إن عصيته ) كالدلالة على أنه أراد إن أتبعكم فيما أنتم عليه من الكفر الذي دعوتموني إليه لم أزدد إلا خسرانا في الدين ، فأصير من الهالكين الخاسرين .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية