الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 1 ] بسم الله الرحمن الرحيم .

                                                                                                                          رب يسر واختم بخير يا كريم .

                                                                                                                          قال الشيخ الإمام العالم العامل شمس الدين أبو محمد محمد بن أبي الفتح بن أبي الفضل البعلي الحنبلي ـ رضي الله عنه ـ وأثابه الجنة : .

                                                                                                                          الحمد لله الذي خلق الإنسان ، وعلمه البيان ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، شهادة تبوئ قائلها دار الأمان ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بأوضح حجة ، وأظهر برهان ، صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وأصحابه ، وأزواجه وتابعيهم بإحسان ، ما اختلف الملوان ، وتعاقب الجديدان .

                                                                                                                          أما بعد ، فهذا مختصر يشتمل على شرح ألفاظ ـ في كتاب " المقنع " ـ مشكلة ـ في الفقه على مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ـ رضي الله عنه ـ تأليف الإمام أبي محمد عبد الله بن محمد المقدسي ـ وتقييدها لفظا .

                                                                                                                          وقد تذكر ألفاظ تشكل على بعض المبتدئين دون غيرهم ، وربما ذكرت فيه إعراب بعض اللفظات التي قد يغلط فيها .

                                                                                                                          وهو مرتب على أبوابه ، ولا تؤخر اللفظة من باب إلى آخر غالبا ، إلا أن تكون مضافة إلى بعض الأبواب ، فتذكر ثم ; كلفظة الغسل ، والصلاة ، والزكاة ، والحج ، والجهاد ، ونحو ذلك ، فتطلب في أول ذلك الباب . وأخرت الكلام على أسماء الأعلام ، فبدأت باسم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم بالأنبياء ـ عليهم السلام ـ ثم بالصحابة ، ثم من بعدهم على حسب وفياتهم ، ثم ختمت بالمصنف ـ رحمه الله . وعلى الله أعتمد ، وإليه أتوجه وأستند ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

                                                                                                                          [ ص: 2 ] " الحمد لله " . الحمد : هو الثناء على الله ـ تعالى ـ بجميل صفاته ، وبينه وبين الشكر عموم وخصوص ، فعمومه أن يكون لمسدي النعمة ولغيره ، وخصوصه بأنه لا يكون إلا باللسان ، وعموم الشكر بأنه يكون بغير اللسان ، وخصوصه بأنه لا يكون إلا لمسدي النعمة ، قال الشاعر : .


                                                                                                                          أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي ولساني والضمير المحجبا

                                                                                                                          .

                                                                                                                          وقيل : هما سواء .

                                                                                                                          " المحمود " : يجوز فيه رفعه ، ونصبه ، وجره ، وهو الوجه ، وكذلك ما بعده من الصفات .

                                                                                                                          " الموجد خلقه على غير مثال " ؛ أي : مخلوقاته ، أنشأها من العدم على غير مثال ، لكمال قدرته .

                                                                                                                          " وذرات الرمال " : الذرات : واحدتها ذرة ، وهي صغرى النمل ، ثم استعمل في الرمل تشبيها ، ويجوز أن يكون جمع ذرة ، وهي المرة من ذر ; بمعنى مذرورة .

                                                                                                                          " لا يعزب " : بضم الزاي وكسرها ؛ أي : لا يبعد ولا يغيب .

                                                                                                                          " وصلى الله " : الصلاة من الله تعالى : الرحمة ، ومن الملائكة : الاستغفار ، ومن الآدمي : التضرع والدعاء . وقال أبو العالية : صلاة الله : ثناؤه عليه عند الملائكة ، وصلاة الملائكة : الدعاء .

                                                                                                                          " على سيدنا " : السيد : هو الذي يفوق في الخير قومه ، قاله الزجاج ، وقيل : التقي ، وقيل : الحليم ، وقيل : الذي لا يغلبه غضبه ، وجميع ذلك فيه ـ صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                          [ ص: 3 ] " محمد " .

                                                                                                                          سمي محمدا لكثرة خصاله المحمودة ، وهو علم منقول من التحميد مشتق من الحميد اسم الله تعالى .

                                                                                                                          وقد أشار إليه حسان بن ثابت رضي الله عنه بقوله :

                                                                                                                          وشق له من إسمه ليجله     فذو العرش محمود

                                                                                                                          وهذا محمد .

                                                                                                                          " المصطفى " هو الخالص من الخلق وهو خير الخلائق كافة .

                                                                                                                          " وآله " .

                                                                                                                          الصواب : جواز إضافته إلى المضمر خلافا لمن أنكر ذلك . والآل يطلق بالاشتراك اللفظي على ثلاثة معان : أحدها : الجند والأتباع ؛ كقوله تعالى : ( آل فرعون ) ( البقرة 50 ) ؛ أي أجناده وأتباعه ، والثاني : النفس ؛ كقوله تعالى ( آل موسى وآل هارون ) ( البقرة 248 ) بمعنى أنفسهما ، والثالث : أهل البيت خاصة ، وآله أتباعه على دينه ، وقيل : بنو هاشم وهو اختيار الشافعي ، وقيل : آله أهله ولو قال في التشهد وعلى أهل محمد أجزأ في أحد الوجهين .

                                                                                                                          " بالغدو والآصال " .

                                                                                                                          الغدو نفس الفعل ، تقول : غدا غدوا وعبر بالفعل عن الوقت ، والمراد به الغدوات كما تقول : آتيك طلوع الشمس ؛ أي وقت طلوعها [ ص: 4 ] " والآصال " .

                                                                                                                          الآصال : جمع أصل ، والأصل جمع أصيل وهو ما بين العصر وغروب الشمس .

                                                                                                                          " وإيجازه " .

                                                                                                                          أي تقصيره ، يقال : أوجز في الكلام إذا قصره فهو كلام موجز وموجز ووجز ووجيز ، كله عن الجوهري .

                                                                                                                          " وسطا بين القصير والطويل " .

                                                                                                                          أي متوسطا بينهما ، قال الواحدي : الوسط اسم لما بين طرفي الشيء ، وأما اللفظ به وبما أشبهه في لفظه ، فقال المبرد محمد بن يزيد : ما كان اسما فهو وسط محرك السين ؛ كقولك وسط رأسه صلب ، وما كان ظرفا فهو مسكن ؛ كقولك وسط رأسه دهن ؛ أي في وسطه ، وقال ثعلب : ما اتحدت أجزاؤه ولم يتميز بعضه من بعض فهو وسط بتحريك السين نحو : وسط الدار ، وما التقت أجزاؤه متجاورة فهو وسط كالعقد وحلقة الناس ، وقال الفراء : الوسط المثقل اسم ؛ كقولك رأس وسط وربما خففت وليس بالوجه وجلس وسط القوم ولا تقل وسط لأنه في معنى بين ، وقال الجوهري : كل موضع صلح فيه بين فهو وسط ، وما لم يصلح فيه بين فهو وسط بالتحريك ، وربما سكن وليس بالوجه ، قال الفراء : قال يونس : سمعت وسط ووسط .

                                                                                                                          " وحجمه " .

                                                                                                                          بمعنى ضخامته .

                                                                                                                          " وفهمه " .

                                                                                                                          بفتح الهاء وسكونها لغتان كفلس وفرس .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية