الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
قال أبو الحسن: (هذه حكاية قول جملة أصحاب الحديث وأهل السنة: جملة ما عليه أصحاب الحديث وأهل السنة: الإقرار بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله، وما جاء من عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يردون من ذلك شيئا وأن الله سبحانه وتعالى إله واحد فرد صمد، لا إله غيره، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن الجنة حق وأن النار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، وأن الله على عرشه، كما قال: الرحمن على العرش استوى [طه: 5 ] وأن له يدين بلا كيف، كما قال: خلقت بيدي [ص: 75 ] وكما قال تعالى: بل يداه مبسوطتان [المائدة: 64 ] وأن له عينين بلا كيف، كما قال: تجري بأعيننا [القمر: 14 ] وأن له وجها، كما قال تعالى: ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام [الرحمن: 27 ] وأن أسماء الله تعالى لا يقال إنها غير الله، كما قالت المعتزلة [ ص: 529 ] والخوارج. وأقروا أن لله علما كما قال: أنزله بعلمه [النساء: 166 ] وكما قال: وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه [فاطر: 11 ] وأثبتوا السمع والبصر ولم ينفوا ذلك عن الله تعالى، كما نفته المعتزلة . وأثبتوا لله تعالى القوة، كما قال: أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة [فصلت: 15 ] وذكر مذهبهم في القدر. إلى أن قال (ويقولون إن القرآن كلام الله غير مخلوق. والكلام في اللفظ والوقف: من قال بالوقف أو اللفظ فهو مبتدع عندهم، لا يقال اللفظ بالقرآن مخلوق، ولا يقال غير مخلوق. ويقولون: إن الله يرى بالأبصار يوم القيامة، كما يرى القمر ليلة البدر، يراه المؤمنون ولا يراه الكافرون، لأنهم عن الله محجوبون، قال تعالى: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون [المطففين: 15 ]، وأن موسي عليه السلام سأل الله تعالى الرؤية في الدنيا، وأن الله تعالى تجلى للجبل فجعله دكا فأعلمه بذلك [أنه ] لا يراه في الدنيا؛ بل يراه في الآخرة ). وذكر مذهبهم في باب الإيمان والوعيد والأسماء [ ص: 530 ] والأحكام -إلى أن قال-: (ويقولون: إن الله لم يأمر بالشر بل نهى عنه وأمر بالخير، فلم يرض بالشر، وإن كان مريدا له ). وذكر مذهبهم في الصحابة، والخلافة، والتفضيل.

ثم قال: (ويصدقون بالأحاديث التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله ينزل إلى السماء الدنيا، فيقول: هل من مستغفر فأغفر له كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أن الله ينزل إلى السماء الدنيا فيقول هل من مستغفر فأغفر له" ويأخذون [ ص: 531 ] بالكتاب والسنة، كما قال تعالى: فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول [النساء: 59 ] ويرون اتباع من سلف من أئمة الدين، وأن لا يبتدعوا في دينهم ما لم يأذن به الله. ويقرون أن الله يجيء يوم القيامة كما قال: وجاء ربك والملك صفا صفا [الفجر: 22 ]، وأن الله تعالى يقرب من خلقه كيف يشاء، كما [ ص: 532 ] قال: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد [ق: 16 ].

وذكر مذهبهم في الأمراء والصلاة خلفهم وترك الخروج عليهم وأشياء غير ذلك. ثم قال: (وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول وإليه نذهب ).

التالي السابق


الخدمات العلمية