الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الجملة الثانية

[ في أحكام أموال المحاربين إذا تملكها المسلمون ]

والقول المحيط بأصول هذه الجملة ينحصر أيضا في سبعة فصول :

الأول : في حكم الخمس .

الثاني : في حكم الأربعة الأخماس .

الثالث : في حكم الأنفال .

الرابع : في حكم ما وجد من أموال المسلمين عند الكفار .

الخامس : في حكم الأرضين .

[ ص: 320 ] السادس : في حكم الفيء .

السابع : في أحكام الجزية والمال الذي يؤخذ منهم على طريق الصلح .

الفصل الأول

في حكم خمس الغنيمة

واتفق المسلمون على أن الغنيمة التي تؤخذ قسرا من أيدي الروم ما عدا الأرضين أن خمسها للإمام ، وأربعة أخماسها للذين غنموها لقوله - تعالى - : ( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ) الآية .

واختلفوا في الخمس على أربعة مذاهب مشهورة :

أحدها : أن الخمس يقسم على خمسة أقسام على نص الآية ، وبه قال الشافعي .

والقول الثاني : أنه يقسم على أربعة أخماس ، وأن قوله - تعالى - : ( فأن لله خمسه ) هو افتتاح كلام وليس هو قسما خامسا .

والقول الثالث : أنه يقسم اليوم ثلاثة أقسام ، وأن سهم النبي وذي القربى سقطا بموت النبي - صلى الله عليه وسلم - .

والقول الرابع : أن الخمس بمنزلة الفيء يعطى منه الغني والفقير ، وهو قول مالك وعامة الفقهاء .

والذين قالوا يقسم أربعة أخماس أو خمسة اختلفوا فيما يفعل بسهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسهم القرابة بعد موته : فقال قوم : يرد على سائر الأصناف الذين لهم الخمس . وقال قوم : بل يرد على باقي الجيش . وقال قوم : بل سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للإمام ، وسهم ذوي القربى لقرابة الإمام . وقال قوم : بل يجعلان في السلاح والعدة .

واختلفوا في القرابة من هم ؟ فقال قوم : بنو هاشم فقط ، وقال قوم : بنو عبد المطلب وبنو هاشم .

وسبب اختلافهم في هل الخمس يقصر على الأصناف المذكورين أم يعدى لغيرهم هو : هل ذكر تلك الأصناف في الآية المقصود منها تعيين الخمس لهم ، أم قصد التنبيه بهم على غيرهم فيكون ذلك من باب الخاص أريد به العام ؟ فمن رأى أنه من باب الخاص أريد به الخاص قال : لا يتعدى بالخمس تلك الأصناف المنصوص عليها ، وهو الذي عليه الجمهور . ومن رأى أنه من باب الخاص أريد به العام قال : يجوز للإمام أن يصرفها فيما يراه صلاحا للمسلمين .

واحتج من رأى أن سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - للإمام بعده بما روي عنه - عليه الصلاة والسلام - أنه قال : " إذا أطعم الله نبيا طعمة فهو للخليفة بعده " .

وأما من صرفه على الأصناف الباقين أو على الغانمين فتشبيها بالصنف المحبس عليهم .

وأما من قال : القرابة هم بنو هاشم وبنو عبد المطلب فإنه احتج بحديث جبير بن مطعم قال : " قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سهم ذوي القربى لبني هاشم وبني المطلب من الخمس " قال : " وإنما بنو هاشم وبنو المطلب صنف واحد " .

ومن قال بنو هاشم صنف فلأنهم الذين لا يحل لهم الصدقة .

واختلف العلماء في سهم النبي - صلى الله عليه وسلم - من الخمس; فقال قوم : الخمس فقط ، ولا خلاف عندهم في [ ص: 321 ] وجوب الخمس له غاب عن القسمة أو حضرها . وقال قوم : بل الخمس والصفي ( وهو سهم مشهور له صلى الله عليه وسلم ، وهو شيء كان يصطفيه من رأس الغنيمة فرس أو أمة أو عبد ) . وروي أن صفية كانت من الصفي . وأجمعوا على أن الصفي ليس لأحد من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أبا ثور فإنه قال : يجري مجرى سهم النبي صلى الله عليه وسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية