الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
سورة الأنبياء

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى : ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون ( 1 ) ) .

قوله تعالى : ( وهم في غفلة ) : هم : مبتدأ ، و " معرضون " الخبر ، و " في غفلة " : يجوز أن يكون حالا من الضمير في معرضون ; أي أعرضوا غافلين . ويجوز أن يكون خبرا ثانيا .

قال تعالى : ( ما يأتيهم من ذكر من ربهم محدث إلا استمعوه وهم يلعبون ( 2 ) لاهية قلوبهم وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ( 3 ) ) .

قوله تعالى : ( محدث ) : محمول على لفظ " ذكر " ، ولو رفع على موضع " من ذكر " جاز .

و ( من ذكر ) : يجوز أن يتعلق بيأتيهم ، وأن يكون صفة في " يلعبون " ويجوز أن يكون حالا من الواو في " استمعوه " .

قوله تعالى : ( الذين ظلموا ) : في موضعه ثلاثة أوجه ; أحدها : الرفع ، وفيه أربعة أوجه ; أحدها : أن يكون بدلا من الواو في " أسروا " . والثاني : أن يكون فاعلا ، والواو حرف للجمع لا اسم . والثالث : أن يكون مبتدأ ، والخبر " هل هذا " والتقدير : يقولون : هل هذا . والرابع : أن يكون خبر مبتدأ محذوف ; أي هم الذين ظلموا .

والوجه الثاني : أن يكون منصوبا على إضمار أعني . والثالث : أن يكون مجرورا صفة للناس .

[ ص: 200 ] قال تعالى : ( قال ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم ( 4 ) ) .

قوله تعالى : ( قال ربي ) : يقرأ : ( قل ) على الأمر و ( قال ) على الخبر .

( في السماء ) : حال من القول ، أو حال من الفاعل في " يعلم " وفيه ضعف ; ويجوز أن يتعلق بيعلم .

قال تعالى : ( بل قالوا أضغاث أحلام بل افتراه بل هو شاعر فليأتنا بآية كما أرسل الأولون ( 5 ) ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون ( 6 ) وما أرسلنا قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ( 7 ) ) .

قوله تعالى : ( أضغاث أحلام ) : أي هذا أضغاث .

( كما أرسل ) : أي إتيانا مثل إرسال الأولين .

و ( أهلكناها ) : صفة لقرية إما على اللفظ أو على الموضع .

و ( يوحى ) بالياء ، و " إليهم " : قائم مقام الفاعل . و ( نوحي ) بالنون ، والمفعول محذوف ; أي الأمر والنهي .

قال تعالى : ( وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين ( 8 ) ) .

قوله تعالى : ( جسدا ) : هو مفرد في موضع الجمع ، والمضاف محذوف ; أي ذوي أجساد . و " لا يأكلون " : صفة لأجساد .

و ( جعلناهم ) : يجوز أن يكون متعديا إلى اثنين ، وأن يتعدى إلى واحد ، فيكون " جسدا " حالا ، و " لا يأكلون " حالا أخرى .

قال تعالى : ( لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون ( 10 ) وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين ( 11 ) ) .

قوله تعالى : ( فيه ذكركم ) : الجملة صفة لكتاب .

و ( ذكركم ) مضاف إلى المفعول ; أي ذكرنا إياكم .

ويجوز أن يكون مضافا إلى الفاعل ; أي ما ذكرتم من الشرك وتكذيب النبي صلى الله عليه وسلم فيكون المفعول محذوفا .

[ ص: 201 ] و ( كم ) : في موضع نصب بـ قصمنا .

و ( كانت ظالمة ) : صفة لقرية .

قال تعالى : ( فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون ( 12 ) ) .

قوله تعالى : ( إذا هم ) : للمفاجأة ، فـ " هم " مبتدأ ، ويركضون الخبر ; وإذا ظرف للخبر .

قال تعالى : ( فما زالت تلك دعواهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين ( 15 ) وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين ( 16 ) لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين ( 17 ) بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ( 18 ) ) .

قوله تعالى : ( تلك دعواهم ) : " تلك " في موضع رفع اسم زالت ، و " دعواهم " الخبر ; ويجوز العكس ، والدعوى قولهم : " يا ويلنا " .

و ( حصيدا ) : مفعول ثان ; والتقدير : مثل حصيد ; فلذلك لم يجمع ، كما لا يجمع " مثل " المقدر .

و ( خامدين ) : بمنزلة : هذا حلو حامض ; ويجوز أن يكون صفة لحصيد .

و ( لاعبين ) : حال من الفاعل في خلقنا .

و ( إن كنا ) : بمعنى ما كنا . وقيل : هي شرط .

( فيدمغه ) : قرئ شاذا بالنصب ، وهو بعيد ، والحمل فيه على المعنى ; أي بالحق فالدمغ .

( مما تصفون ) : حال ; أي ولكم الويل واقعا .

و " ما " : بمعنى الذي ، أو نكرة موصوفة ، أو مصدرية .

التالي السابق


الخدمات العلمية