الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( كتاب الجنايات )

                                                                                                                                الجناية في الأصل نوعان : جناية على البهائم والجمادات ، وجناية على الآدمي .

                                                                                                                                ( أما ) الجناية على البهائم والجمادات فنوعان أيضا : غصب وإتلاف ، وقد ذكرنا كل واحد منهما في كتاب الغصب ، وهذا الكتاب وضع لبيان حكم الجناية على الآدمي خاصة ، فنقول وبالله تعالى التوفيق : الجناية على الآدمي في الأصل أنواع ثلاثة : جناية على النفس مطلقا ، وجناية على ما دون النفس مطلقا ، وجناية على ما هو نفس من وجه دون وجه .

                                                                                                                                ( أما ) الجناية على النفس مطلقا فهي قتل المولود ، والكلام في القتل في مواضع : في بيان أنواع القتل ، وفي بيان صفة كل نوع ، وفي بيان حكم كل نوع منه .

                                                                                                                                ( أما ) الأول : فالقتل أربعة أنواع : قتل هو عمد محض ليس فيه شبهة العمد ، وقتل عمد فيه شبهة العمد ، وهو المسمى بشبه العمد ، وقتل هو خطأ محض ليس فيه شبهة العمد ، وقتل هو في معنى القتل الخطأ .

                                                                                                                                ( أما ) الذي هو عمد محض فهو أن يقصد القتل بحديد له حد أو طعن كالسيف ، والسكين ، والرمح ، والإشفى ، والإبرة ، وما أشبه ذلك ، أو ما يعمل عمل هذه الأشياء في الجرح ، والطعن كالنار ، والزجاج ، وليطة القصب ، والمروة ، والرمح الذي لا سنان له ، ونحو ذلك ، وكذلك الآلة المتخذة من النحاس ، وكذلك القتل بحديد لا حد له كالعمود ، وصنجة الميزان ، وظهر الفأس ، والمرو ، ونحو ذلك عمد في ظاهر الرواية ، ( وروى ) الطحاوي عن أبي حنيفة رضي الله عنهم أنه ليس بعمد ، فعلى ظاهر الرواية العبرة للحديد نفسه سواء جرح أو لا ، وعلى رواية الطحاوي العبرة للجرح نفسه حديدا كان أو غيره ، وكذلك إذا كان في معنى الحديد كالصفر ، والنحاس ، والآنك ، والرصاص ، والذهب ، والفضة فحكمه حكم الحديد .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية