الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم وخرقوا له بنين وبنات بغير علم سبحانه وتعالى عما يصفون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وجعلوا لله شركاء الجن وخلقهم فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أن المجوس نسبت الشر إلى إبليس ، وتجعله بذلك شريكا لله. والثاني: أن مشركي العرب جعلوا الملائكة بنات الله وشركاء له ، قاله قتادة ، والسدي ، وابن زيد كقوله تعالى: وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون فسمى الملائكة لاختفائهم عن العيون جنة. والثالث: أنه أطاعوا الشيطان في عبادة الأوثان حتى جعلوها شركاء لله في العبادة ، قاله الحسن ، والزجاج . وخلقهم يحتمل وجهين: أحدهما: أنه خلقهم بلا شريك [له] ، فلم جعلوا له في العبادة شريكا؟ والثاني: أنه خلق من جعلوه شريكا فكيف صار في العبادة شريكا؟. [ ص: 151 ] وقرأ يحيى بن يعمر (وخلقهم) بتسكين اللام. ومعناه أنهم جعلوا خلقهم الذي صنعوه بأيديهم من الأصنام لله شريكا. وخرقوا له بنين وبنات بغير علم في خرقوا قراءتان بالتخفيف والتشديد ، وفيه قولان: أحدهما: أن معنى خرقوا كذبوا ، قاله مجاهد ، وقتادة ، وابن جريج ، وابن زيد . والثاني: معناه وخلقوا له بنين وبنات ، والخلق والخرق واحد ، قاله الفراء . والقول الثاني: أن معنى القراءتين مختلف ، وفي اختلافهما قولان: أحدهما: أنها بالتشديد على التكثير. والثاني: أن معناها بالتخفيف كذبوا ، وبالتشديد اختلفوا. والبنون قول النصارى في المسيح أنه ابن الله ، وقول اليهود أن عزيرا ابن الله. والبنات قول مشركي العرب في الملائكة أنهم بنات الله. بغير علم يحتمل وجهين: أحدهما: بغير علم منهم أن له بنين وبنات. والثاني: بغير حجة تدلهم على أن له بنين وبنات.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية