الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في مواساة الأخ

                                                                                                          1933 حدثنا أحمد بن منيع حدثنا إسمعيل بن إبراهيم حدثنا حميد عن أنس قال لما قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع فقال له هلم أقاسمك مالي نصفين ولي امرأتان فأطلق إحداهما فإذا انقضت عدتها فتزوجها فقال بارك الله لك في أهلك ومالك دلوني على السوق فدلوه على السوق فما رجع يومئذ إلا ومعه شيء من أقط وسمن قد استفضله فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك وعليه وضر من صفرة فقال مهيم قال تزوجت امرأة من الأنصار قال فما أصدقتها قال نواة قال حميد أو قال وزن نواة من ذهب فقال أولم ولو بشاة قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح قال أحمد بن حنبل وزن نواة من ذهب وزن ثلاثة دراهم وثلث وقال إسحق بن إبراهيم وزن نواة من ذهب وزن خمسة دراهم سمعت إسحق بن منصور يذكر عنهما هذا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          باب ما جاء في مواساة الأخ

                                                                                                          [ ص: 52 ] قال في القاموس : آساه بماله مواساة أناله منه وجعله فيه أسوة أو لا يكون ذلك إلا من كفاف ، فإن كان من فضله فليس بمواساة ا هـ ، وقال في الصراح : مواساة بمال وتن باكسى غموار كي كردن ، يقال آسيته بمالي وواسيته ، لغة ضعيفة فيه .

                                                                                                          قوله : ( آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع ) أي جعل بينهما أخوة ( فقال ) أي سعد بن الربيع ( له ) أي لعبد الرحمن بن عوف ( هلم ) أي تعال ، قال الخليل : أصله لم من قولهم : لم الله شعثه أي جمعه أراد لم نفسك إلينا ، أي أقرب وها للتنبيه وحذفت ألفها وجعلا اسما واحدا يستوي فيه الواحد والجمع والتأنيث في لغة أهل الحجاز وأهل نجد يعرفونها فيقولون للاثنين هلما ، وللجمع هلموا وللمرأة هلمي ، وللنساء هلمن ، والأول أفصح ، كذا في الصراح .

                                                                                                          ( أقاسمك ) بالجزم جواب هلم ( قد استفضله ) قال في القاموس : أفضلت منه الشيء واستفضلت بمعنى ( وعليه وضر صفرة ) بفتح الواو والضاد المعجمة وآخره راء هو في الأصل الأثر ، والمراد بالصفرة صفرة الخلوق ، والخلوق طيب يصنع من زعفران وغيره ( فقال مهيم ) أي ما شأنك أو ما هذا وهي كلمة استفهام مبنية على السكون ( قال نواة ) بالنصب بتقدير الفعل أي أصدقتها نواة ، ويجوز الرفع على تقدير مبتدأ أي الذي أصدقها نواة ( قال حميد : أو قال وزن نواة من ذهب ) هذا شك من حميد ( فقال أولم ولو بشاة ) قال الحافظ : ليست لو هذه الامتناعية وإنما هي التي للتقليل .

                                                                                                          [ ص: 53 ] قوله : ( هذا حديث حسن صحيح ) وأخرجه الشيخان .

                                                                                                          قوله : ( وقال أحمد بن حنبل : وزن نواة من ذهب وزن ثلاثة دراهم وثلث وقال إسحاق : وزن نواة من ذهب وزن خمسة دراهم إلخ ) اختلف في المراد بقوله نواة فقيل المراد واحدة نوى التمر ، كما يوزن بنوى الخروب ، وأن القيمة عنها يومئذ كانت خمسة دراهم ، وقيل كان قدرها يومئذ ربع دينار ، ورد بأن نوى التمر يختلف في الوزن فكيف يجعل معيارا لما يوزن به .

                                                                                                          وقيل : لفظ النواة من ذهب عبارة عما قيمته خمسة دراهم من الورق ، وجزم به الخطابي واختاره الأزهري ، ونقله عياض عن أكثر العلماء ، ويؤيده أن في رواية للبيهقي من طريق سعيد بن بشر عن قتادة : وزن نواة من ذهب قومت خمس دراهم ، وقيل : وزنها من الذهب خمسة دراهم حكاه ابن قتيبة وجزم به ابن فارس ، وجعله البيضاوي الظاهر واستبعد لأنه يستلزم أن يكون ثلاثة مثاقيل ونصفا ، ووقع في رواية حجاج بن أرطاة عن قتادة عند البيهقي : قومت ثلاثة دراهم وثلثا وإسناده ضعيف ، ولكن جزم به أحمد ، وعن بعض المالكية : النواة عند أهل المدينة ربع دينار ، ويؤيد هذا ما وقع عند الطبراني في الأوسط في آخر حديث أنس قال : جاء وزنها ربع دينار ، وقد قال الشافعي : النواة ربع النش ؛ والنش نصف أوقية والأوقية أربعون درهما فيكون خمسة دراهم ، وكذا قال أبو عبيد : إن عبد الرحمن بن عوف دفع خمسة دراهم وهي تسمى نواة كما تسمى الأربعون أوقية ، وبه جزم أبو عوانة وآخرون كذا في الفتح .




                                                                                                          الخدمات العلمية