الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            [ ص: 176 ] ص ( فصل المزارعة )

                                                                                                                            ش : قال ابن عرفة : المزارعة شركة في الحرث وبالثاني عبر اللخمي ، وغيره وعبر بالأول كثير ، سمع عيسى سئل ابن القاسم عن رجلين اشتركا على مزارعة وروى البزار عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { : لا يقولن أحدكم زرعت وليقل حرثت } وروى مسلم عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : لا يغرس المسلم غرسا ، ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ، ولا دابة ، ولا شيء إلا كانت له صدقة } انتهى . قال البرزلي في حديث آخر { : لا يقولن أحدكم زرعت ، وليقل حرثت فإن الزارع هو الله } أبو هريرة لقوله تعالى { أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون } القرطبي في تفسير قوله تعالى { : كمثل حبة } الآية دليل على أن اتخاذ الحرث من أعلى الحرف المتخذة للمكاسب ويشتغل بها العمال ، ولهذا ضرب الله بها المثل قال : وفي الترمذي عن عائشة رضي الله عنها عنه صلى الله عليه وسلم قال { : التمسوا الرزق في خبايا الأرض } يعني الزرع وفي حديث مدح النخل من الراسخات في الوحل والمطعمات في المحل قال : والمزارعة من فروض الكفايات يجب على الإمام أن يجبر الناس عليها ، وما كان في معناها من غرس الأشجار وعن عبد الله بن عبد الملك أنه لقي ابن شهاب الزهري فقال : دلني على مال أعالجه فأنشأ يقول

                                                                                                                            : أقول لعبد الله يوم لقيته وقد شد أحلاس المطي مشرقا     تتبع خبايا الأرض وادع مليكها
                                                                                                                            لعلك يوما أن تجاب فترزقا

                                                                                                                            .

                                                                                                                            ص ( لكل فسخ المزارعة إن لم يبذر )

                                                                                                                            ش : قال في التوضيح : المزارعة دائرة بين الشركة [ ص: 177 ] والإجارة فلهذا اختلف في لزومها بالعقد فقيل تلزم به تغليبا للإجارة ، وهو قول سحنون وابن الماجشون ، وقول ابن كنانة وابن القاسم في كتاب ابن سحنون ، وقيل لا تلزم تغليبا للشركة ، ولكل واحد أن ينفصل عن صاحبه ما لم يبذر ابن رشد وهو معنى قول ابن القاسم في المدونة ونص رواية أصبغ عنه في العتبية ، وقيل لا تلزم إلا بالشروع في العمل ، وهو قول ابن كنانة في المبسوط وبه جرت الفتوى عندنا بقرطبة وهو على قياس رواية ابن زياد عن مالك أن الجاعل يلزمه الجعل بشروع المجعول له في العمل انتهى .

                                                                                                                            قال ابن عبد السلام : والأقرب عندي أنها شركة حقيقة ، إلا أنها مركبة من شركة الأموال ، والأعمال انتهى .

                                                                                                                            قال ابن عرفة وفي لزومها بالعقد ، أو الشروع ثالثها بالبذر لابن رشد عن سحنون مع ابن الماجشون وابن كنانة وابن القاسم في كتاب ابن سحنون وابن كنانة في المبسوط وبه جرت الفتيا بقرطبة وهو على قياس رواية على ما في لزوم الجعل بالشروع وقول ابن القاسم فيها مع سماعه أصبغ ولم يحك ابن حارث عن ابن القاسم غير الأول ، وقال اتفقوا على انعقادها بابتداء العمل انتهى .

                                                                                                                            ص ( وتساويا )

                                                                                                                            ش : لا شك في إغنائه عما تقدم فشرطها شيئان كما قال أبو الحسن الصغير لا تصح [ ص: 178 ] الشركة في المزارعة إلا بشرطين أن يسلما من كراء الأرض بما يخرج منها وأن يعتدلا فيما بعد ذلك .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية