الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 5704 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      58- سورة المجادلة

                                                                                                                                                                                                                                      سميت بها، لأنها لما كانت لطلب الحق والصواب، أشبهت مجادلة الأنبياء والقرآن، ولذلك سمع الله لصاحبها. قاله المهايمي.

                                                                                                                                                                                                                                      وهي مدنية، وآيها اثنتان وعشرون.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 5705 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      القول في تأويل قوله تعالى:

                                                                                                                                                                                                                                      [1] قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير

                                                                                                                                                                                                                                      قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير روى الإمام أحمد عن عائشة قالت: الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات; لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلمه، وأنا في ناحية البيت، ما أسمع ما تقول! فأنزل الله عز وجل: قد سمع الله إلى آخر الآية، ورواه البخاري معلقا. وفي رواية لابن أبي حاتم عن عائشة أنها قالت: تبارك الذي أوعى سمعه كل شيء، إني أسمع كلام خولة بنت ثعلبة ، ويخفى علي بعضه وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي تقول: يا رسول الله! أكل شبابي، ونثرت له بطني، حتى إذا كبرت سني، وانقطع ولدي، ظاهر مني! اللهم إني أشكو إليك. قالت: فما برحت، حتى نزل جبريل بهذه الآية: قد سمع إلخ. قال ابن كثير : ويقال فيها: خولة بنت مالك بن ثعلبة، وقد تصغر فيقال: خويلة. ولا منافاة بين هذه الأقوال؛ فالأمر فيها قريب. وفي "العناية". المراد من قوله: قد سمع الله إلخ: قبل قولها وأجابه، كما في: سمع الله لمن حمده، مجازا بعلاقة السببية أو كناية. انتهى.

                                                                                                                                                                                                                                      وقوله:

                                                                                                                                                                                                                                      وتشتكي إلى الله أي: تشتكي المجادلة ما لديها من الهم بظهار زوجها منها، إلى الله، وتسأله الفرج.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 5706 ] ومعنى تحاوركما ترجيعكما الكلام في هذه النازلة. وذلك أن الظهار كان طلاق الرجل امرأته في الجاهلية، فإذا تكلم به لم يرجع إلى امرأته أبدا. وقد طمعت المشتكية أن يكون غير قاطع علقة النكاح. والنبي صلى الله عليه وسلم لم يبت لها في الأمر، حتى ينزل الوحي الذي يرد التنازع إليه. ثم أنزل تعالى فيه قوله:

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية