الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب استحباب رمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا وبيان قوله صلى الله عليه وسلم لتأخذوا مناسككم

                                                                                                                1297 حدثنا إسحق بن إبراهيم وعلي بن خشرم جميعا عن عيسى بن يونس قال ابن خشرم أخبرنا عيسى عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر ويقول لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر ويقول : لتأخذوا مناسككم فإنى لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه ) فيه : دلالة لما قاله الشافعي وموافقوه أنه يستحب لمن وصل منى راكبا أن يرمي جمرة العقبة يوم النحر راكبا ، ولو رماها ماشيا [ ص: 420 ] جاز ، وأما من وصلها ماشيا فيرميها ماشيا ، وهذا في يوم النحر ، وأما اليومان الأولان من أيام التشريق فالسنة أن يرمي فيهما جميع الجمرات ماشيا ، وفي اليوم الثالث يرمي راكبا ، وينفر ، هذا كله مذهب مالك والشافعي وغيرهما ، وقال أحمد وإسحاق : يستحب يوم النحر أن يرمي ماشيا ، قال ابن المنذر : وكان ابن عمر وابن الزبير وسالم يرمون مشاة ، قال : وأجمعوا على أن الرمي يجزيه على أي حال رماه إذا وقع في المرمى .

                                                                                                                وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( لتأخذوا مناسككم ) فهذه اللام لام الأمر ، ومعناه : خذوا مناسككم : وهكذا وقع في رواية غير مسلم ، وتقديره هذه الأمور التي أتيت بها في حجتي من الأقوال والأفعال والهيئات هي أمور الحج وصفته وهي مناسككم فخذوها عني واقبلوها واحفظوها واعملوا بها وعلموها الناس .

                                                                                                                وهذا الحديث أصل عظيم في مناسك الحج وهو نحو قوله صلى الله عليه وسلم في الصلاة : صلوا كما رأيتموني أصلي .

                                                                                                                وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لعلي لا أحج بعد حجتي هذه ) فيه : إشارة إلى توديعهم وإعلامهم بقرب وفاته صلى الله عليه وسلم ، وحثهم على الاعتناء بالأخذ عنه ، وانتهاز الفرصة من ملازمته ، وتعلم أمور الدين ، وبهذا سميت حجة الوداع . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية