الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      بسم الله الرحمن الرحيم [ ص: 321 ] كتاب التدليس بالعيوب في العبد يشترى ويدلس فيه بعيب ويحدث فيه عيب آخر قلت لعبد الرحمن بن القاسم : أرأيت لو أني اشتريت عبدا بدنانير فأصابه عندي عيب ثم ظهرت على عيب دلسه لي البائع ألي أن أرده في قول مالك ؟ .

                                                                                                                                                                                      قال : نعم إلا أن يكون العيب الذي أصابه عندك مفسدا مثل القطع والعور والشلل والعمى وشبه ذلك فإن كان العيب الذي أصابه عندك مثل هؤلاء العيوب المفسدة كنت مخيرا في أن ترد العبد وتغرم بقدر ما أصابه عندك من العيب ، وإن شئت احتسبت العبد وأخذت من البائع ما بين الصحة والداء إلا أن يقول البائع : أنا أقبله بالعيب الذي أصابه عندك وأرد الثمن كله فيكون ذلك له .

                                                                                                                                                                                      قلت : ولم كان هذا هكذا إذا أصابه عند المشتري عيب مفسد لم يكن للبائع أن يأخذه ويرجع على المشتري بقدر ما أصابه عنده من العيب ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن العيب إذا كان مفسدا فأصابه ذلك عند المشتري فهو فوت ، فليس للبائع أن يقول : أنا آخذه وأرجع بقيمة العيب الذي أصابه عند المشتري ; لأنه قد فات .

                                                                                                                                                                                      قلت : ولم لا يكون على المشتري إذا رد العبد بعيب ظهر عليه وقد أصابه عنده عيب غير مفسد قيمة هذا العيب الذي أصابه عنده ، وإن كان غير مفسد ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأنها ليست من العيوب التي هي تلف للعبد التي تنقصه نقصانا كثيرا وهذا مثل الحمى والرمد وما أشبه ذلك ، ألا ترى أنه إن حم يوما أو أصابه رمد أو دماميل ثم ظهر على عيب دلسه له البائع أن له أن يرده .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كان هذا العيب الذي أصابه عند المشتري قد نقصه إلا أنه ليس من [ ص: 322 ] العيوب المفسدة أيكون للمشتري أن يرده إذا ظهر على عيب قد دلسه له البائع ولا يكون عليه لما نقص العيب الذي أصاب العبد عنده شيء ؟ قال : قال مالك : له أن يرده ولا شيء عليه إذا كان عيبا ليس مفسدا ، وإن كان قد نقصه .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن قطعت أصبعه أو أصابه أمر من السماء فذهبت إصبعه ثم ظهر المشتري على عيب دلسه له البائع أله أن يرده ؟ قال : لا أحفظه من مالك إلا أني أراه عيبا مفسدا لا يرده إلا بما نقص .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن ذهبت أنملته أو ظفره ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أما أنملته فهو عيب ولا يرده إلا بما نقص منه إلا أن يكون من وخش الرقيق الذي لا يكون ذلك مفسدا فيهم ولا ينقصه كثيرا فإن كان كذلك رده ولا شيء عليه ، وأما الظفر فله أن يرده ولا شيء عليه ولا أراه عيبا . لسحنون : الظفر في الجارية الرائعة عيب .

                                                                                                                                                                                      قلت : فتحفظ عن مالك أنه قال : إن أصابه عنده حمى أو رمد أو صداع أو كي وكل وجع ليس بمخوف أن له أن يرده إذا أصاب به عيبا قد دلس به البائع ولا شيء عليه ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية