الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في دعوى المتبايعين قلت : أرأيت لو أن رجلا اشترى سلعة فاختلف المشتري والبائع في الثمن ، والسلعة قائمة بعينها قد قبضها المشتري وغاب عليها أو لم يقبضها ؟ قال : قال مالك : إن كان لم يقبضها حلف البائع ما باع إلا بكذا وكذا ثم كان المشتري بالخيار إن شاء أن يأخذها بما قال البائع أخذها وإلا حلف المشتري ثم ترادا البيع ، فإن كان قد قبضها وغاب عليها رأيت : إن كانت السلعة لم تبع ولم تعتق ولم توهب ولم يتصدق بها ولم يدخلها نماء ولا نقصان ولا اختلاف من الأسواق تحالفا وكانت بمنزلة من لم يقبضها . وإن دخلها شيء مما وصفت لك نماء أو نقصان أو اختلاف أسواق أو كتابة أو بيع أو شيء مما وصفت لك كان القول قول المبتاع وعليه اليمين إلا أن يأتي بما لا يشبه من الثمن ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ورددتها على [ ص: 406 ] مالك مرة بعد مرة فقال هذا القول وثبت عليه ، ولم يختلف فيه قوله .

                                                                                                                                                                                      وقد روى ابن وهب عن مالك إذا بان المشتري بالسلعة فحازها وضمها وبان بها ثم اختلفا في الثمن أحلف المشتري بالله ما اشتراها إلا بما ادعى ، ثم يسلم إليه ما لم يكن شيء يعرف به كذبه أن يقول : أخذت العبد بدينار أو درهم وأشباه هذا مما لا يكون مما زعم أنه أخذه .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون : وبه أقول .

                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : أرأيت إن مات البائع أو المبتاع أيكون ورثتهما مكانهما إذا كانت السلعة بعينها قائمة ؟ قال : إن كانت السلعة لم تفت بمثل ما وصفت لك من وجوه الفوت واختلفا في الثمن وادعى كل واحد منهما أن الثمن كذا وكذا تحالفا وترادا السلعة . وإن فاتت بما وصفت لك فالقول قول ورثة المبتاع إذا ادعوا معرفة ما اشتراها به صاحبهم وإن تجاهل ورثة البائع وورثة المشتري وتصادقا في البيع وقال : لا نعرف بما باعها البائع ولا بما اشتراها المشتري وقال ذلك أحلف ورثة المبتاع أنهم لا يعلمون بما اشتراها به أبوهم ثم يحلف ورثة البائع أنهم لا يعلمون بما باعها به أبوهم فإن فاتت بما ذكرته لك من وجوه الفوت لزمت ورثة المشتري بقيمتها في مال المشتري ؟

                                                                                                                                                                                      قال : فإن جهل ورثة البائع الثمن وادعى ورثة المشتري معرفة الثمن أو جهل ورثة المشتري الثمن وادعى ورثة البائع معرفة الثمن أحلف من ادعى المعرفة منهما إذا جاء بأمر سداد يشبه أن يكون ثمن السلعة فيكون القول قوله مع يمينه وهذا رأيي .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية