الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( كتاب العارية )

( قال ) الشيخ الإمام الأجل الزاهد شمس الأئمة وفخر الإسلام أبو بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله تعالى إملاء : العارية : تمليك المنفعة بغير عوض ، سميت عارية لتعريها عن العوض ، فإنها مع العرية اشتقت من شيء واحد ، والعرية : العطية في الثمار بالتمليك من غير عوض ، والعارية في المنفعة كذلك ; ولهذا اختصت بما يمكن الانتفاع بها مع بقاء عينها أو ما يجوز تمليك منافعها بالعوض بعقد الإجارة ، وقيل : هي مشتقة من التعاور ، وهو التناوب ، فكأنه يجعل للغير نوبة في الانتفاع بملكه على أن تعود النوبة إليه بالاسترداد متى شاء ; ولهذا كانت الإعارة في المكيل والموزون قرضا ; لأنه لا ينتفع بها إلا باستهلاك العين ، فلا تعود النوبة إليه في تلك العين لتكون عارية حقيقة ، وإنما تعود النوبة إليه في مثلها ، وما يملك الإنسان الانتفاع به على أن يكون مثله مضمونا عليه يكون قرضا ، ( وكان ) الكرخي رحمه الله يقول : موجب هذا العقد إباحة الانتفاع بملك العين لا بملك المنفعة بدليل أنه لا يشترط إعلام مقدار المنفعة فيه ببيان المدة ، والجهالة تمنع صحة التمليك أما لا تمنع صحة الإباحة ؟ ، وبدليل أن المستعير ليس له أن يؤاجر ، ومن تملك شيئا بغير عوض جاز له أن يملكه من غيره بعوض كالموهوب له ، والصحيح أن موجب هذا العقد ملك المنفعة للمستعير ; لأن المنفعة تحتمل التمليك بعوض فتحتمل التمليك بغير عوض أيضا كالعين ، والدليل عليه أن للمستعير أن يعير فيما لا يتفاوت الناس بالانتفاع به ، والمباح له لا يملك أن يبيح لغيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية