الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب الترغيب في المدينة عند فتح الأمصار

                                                                                                                1388 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن سفيان بن أبي زهير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تفتح الشام فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ثم تفتح اليمن فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ثم تفتح العراق فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون [ ص: 510 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 510 ] قوله صلى الله عليه وسلم : ( تفتح الشام فيخرج من المدينة قوم بأهليهم يبسون والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ) قال أهل اللغة : يبسون بفتح الياء المثناة من تحت وبعدها باء موحدة تضم وتكسر ، ويقال أيضا : بضم المثناة مع كسر الموحدة ، فتكون اللفظة ثلاثية ورباعية ، فحصل في ضبطه ثلاثة أوجه ، ومعناه : يتحملون بأهليهم ، وقيل : معناه يدعون الناس إلى بلاد الخصب ، وهو قول إبراهيمالحربي ، وقال أبو عبيد : معناه يسوقون ، والبس : سوق الإبل ، وقال ابن وهب : معناه يزينون لهم البلاد ويحببونها إليهم ، ويدعونهم إلى الرحيل إليها ، ونحوه في الحديث السابق ( يدعو الرجل ابن عمه وقريبه هلم إلى الرخاء ) .

                                                                                                                وقال الداودي : معناه يزجرون الدواب إلى المدينة فيبسون ما يطوون من الأرض ويفتونه فيصير غبارا ، ويفتنون من بها لما يصفون لهم من رغد العيش ، وهذا ضعيف أو باطل ، بل الصواب الذي عليه المحققون [ ص: 511 ] أن معناه الإخبار عمن خرج من المدينة متحملا بأهله ، باسا في سيره مسرعا إلى الرخاء في الأمصار التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بفتحها .

                                                                                                                قال العلماء : في هذا الحديث معجزات لرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه أخبر بفتح هذه الأقاليم ، وأن الناس يتحملون بأهليهم إليها ويتركون المدينة ، وأن هذه الأقاليم تفتح على هذا الترتيب ، ووجد جميع ذلك كذلك بحمد الله وفضله . وفيه : فضيلة سكنى المدينة ، والصبر على شدتها وضيق العيش بها . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية