الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ودت طائفة من أهل الكتاب الآيات .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن سفيان قال : كل شيء في " آل عمران " من ذكر أهل الكتاب، فهو في النصارى .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 623 ] وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن قتادة في قوله : يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون . قال : تشهدون أن نعت نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم في كتابكم، ثم تكفرون به وتنكرونه ولا تؤمنون به، وأنتم تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل : النبي الأمي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن الربيع ، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن السدي في قوله : يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله . قال : محمد صلى الله عليه وسلم، وأنتم تشهدون . قال : تشهدون أنه الحق تجدونه مكتوبا عندكم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن مقاتل : لم تكفرون بآيات الله . قال : بالحجج، وأنتم تشهدون أن القرآن حق، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم تجدونه مكتوبا في التوراة والإنجيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن جريج : لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون : على أن الدين عند الله الإسلام، ليس لله دين غيره .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن الربيع في قوله : لم تلبسون [ ص: 624 ] الحق بالباطل . يقول : لم تخلطون اليهودية والنصرانية بالإسلام، وقد علمتم أن دين الله الذي لا يقبل من أحد غيره، الإسلام، وتكتمون الحق . يقول : تكتمون شأن محمد صلى الله عليه وسلم وأنتم تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن قتادة ، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن إسحاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : قال عبد الله بن الصيف وعدي بن زيد والحارث بن عوف بعضهم لبعض : تعالوا نؤمن بما أنزل الله على محمد وأصحابه غدوة ونكفر به عشية، حتى نلبس عليهم دينهم، لعلهم يصنعون كما نصنع فيرجعون عن دينهم . فأنزل الله فيهم : يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل إلى قوله : والله واسع عليم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن أبي مالك قال : قالت اليهود بعضهم لبعض : آمنوا معهم بما يقولون أول النهار وارتدوا آخره، لعلهم يرجعون معكم . فاطلع الله على سرهم، فأنزل الله تعالى : وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن السدي في قوله : وقالت طائفة من أهل الكتاب الآية . قال : كان أحبار قرى عربية اثني عشر حبرا فقالوا لبعضهم : ادخلوا في دين محمد أول النهار وقولوا : نشهد أن محمدا حق صادق . فإذا كان آخر النهار فاكفروا وقولوا : إنا رجعنا إلى علمائنا وأحبارنا فسألناهم، فحدثونا أن محمدا كاذب وأنكم لستم على شيء، وقد رجعنا إلى ديننا، فهو أعجب إلينا من دينكم، لعلهم يشكون ؛ يقولون : هؤلاء كانوا معنا أول النهار، فما بالهم؟ فأخبر الله رسوله بذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، من طريق العوفي، عن ابن عباس في قوله : وقالت طائفة الآية . قال : إن طائفة من اليهود قالت : إذا لقيتم أصحاب محمد أول النهار فآمنوا، وإذا كان آخره فصلوا صلاتكم، لعلهم يقولون : هؤلاء أهل الكتاب وهم أعلم منا . لعلهم ينقلبون عن دينهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والضياء في " المختارة " ، من طريق أبي ظبيان، عن ابن عباس في قوله : وقالت طائفة الآية . قال : كانوا يكونون معهم أول النهار، ويجالسونهم ويكلمونهم، فإذا أمسوا وحضرت الصلاة، كفروا به وتركوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار : يهود [ ص: 626 ] تقوله، صلت مع محمد صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر، وكفروا آخر النهار، مكرا منهم، ليروا الناس أن قد بدت لهم منه الضلالة بعد إذ كانوا اتبعوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن قتادة ، والربيع في قوله : وجه النهار . قالا : أول النهار .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، عن قتادة : ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم . قال : هذا قول بعضهم لبعض .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن الربيع ، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن السدي : ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم . قال : لا تؤمنوا إلا لمن تبع اليهودية .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن أبي مالك قال : كانت اليهود تقول أحبارها للذين من دينهم : ائتوا محمدا وأصحابه أول النهار، فقولوا نحن على دينكم . فإذا كان بالعشي فأتوهم فقولوا لهم : إنا كفرنا بدينكم، ونحن على ديننا الأول، إنا قد سألنا علماءنا فأخبرونا أنكم لستم على شيء . وقالوا : لعل المسلمين يرجعون إلى دينكم، فيكفرون بمحمد، ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم . فأنزل الله : قل إن الهدى هدى الله .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 627 ] وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد : أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم : حسدا من يهود أن تكون النبوة في غيرهم، وإرادة أن يتابعوا على دينهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن أبي مالك، وسعيد بن جبير : أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم . قالا : أمة محمد صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن السدي قال : قال الله لمحمد صلى الله عليه وسلم : قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم يا أمة محمد، أو يحاجوكم عند ربكم . يقول اليهود : فعل الله بنا كذا وكذا من الكرامة، حتى أنزل علينا المن والسلوى . فإن الذي أعطيتكم أفضل، فقولوا : إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، عن قتادة : قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم . يقول : لما أنزل الله كتابا مثل كتابكم، وبعث نبيا كنبيكم ؛ حسدتموه على ذلك، قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن الربيع ، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 628 ] وأخرج ابن جرير ، عن ابن جريج : قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم . يقول : ذا الأمر الذي أنتم عليه، أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم . قال : قال بعضهم لبعض : لا تخبروهم بما بين الله لكم في كتابه ليحاجوكم . قال : ليخاصموكم به عند ربكم، فتكون لهم حجة عليكم، قل إن الفضل بيد الله . قال : الإسلام، يختص برحمته من يشاء . قال : القرآن والإسلام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد : يختص برحمته من يشاء . قال : النبوة يختص بها من يشاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن الحسن : يختص برحمته من يشاء . قال : رحمته الإسلام ، يختص بها من يشاء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن سعيد بن جبير : ذو الفضل العظيم . يعني الوافر .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية