الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 245 ] تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                      5 - تكاد السماوات ؛ وبالياء؛ "نافع وعلي"؛ يتفطرن من فوقهن ؛ يتشققن؛ "ينفطرن"؛ "بصري وأبو بكر"؛ ومعناه: يكدن ينفطرن من علو شأن الله؛ وعظمته؛ يدل عليه مجيئه بعد قوله: "العلي العظيم"؛ وقيل: من دعائهم له ولدا؛ كقوله: تكاد السماوات يتفطرن منه ؛ ومعنى "من فوقهن"؛ أي: يبتدئ الانفطار من جهتهن الفوقانية؛ وكان القياس أن يقال: "ينفطرن من تحتهن"؛ من الجهة التي جاءت منها كلمة الكفر؛ لأنها جاءت من الذين تحت السماوات؛ ولكنه بولغ في ذلك؛ فجعلت مؤثرة في جهة الفوق؛ كأنه قيل: يكدن ينفطرن من الجهة التي فوقهن؛ دع الجهة التي تحتهن؛ وقيل: "من فوقهن"؛ من فوق الأرض؛ فالكناية راجعة إلى الأرض؛ لأنه بمعنى "الأرضين"؛ وقيل: يتشققن لكثرة ما على السماوات من الملائكة؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: "أطت السماء وحق لها أن تئط؛ ما فيها موضع قدم إلا وعليه ملك قائم؛ أو راكع؛ أو ساجد"؛ والملائكة يسبحون بحمد ربهم ؛ خضوعا لما يرون من عظمته؛ ويستغفرون لمن في الأرض ؛ أي: للمؤمنين منهم؛ كقوله: ويستغفرون للذين آمنوا ؛ خوفا عليهم من سطواته؛ أو يوحدون الله؛ وينزهونه عما لا يجوز عليه من الصفات؛ حامدين له على ما أولاهم من ألطافه؛ متعجبين مما رأوا من تعرضهم لسخط الله (تعالى)؛ ويستغفرون لمؤمني أهل الأرض؛ الذين تبرؤوا من تلك الكلمة؛ أو يطلبون إلى ربهم أن يحلم عن أهل الأرض؛ ولا يعاجلهم بالعقاب؛ ألا إن الله هو الغفور الرحيم ؛ لهم .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية