الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : إن أول بيت الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، من طريق الشعبي ، عن علي بن أبي طالب في قوله : إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة . قال : كانت البيوت قبله، ولكنه كان أول بيت وضع لعبادة الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير عن مطر ، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جريج عن الحسن في الآية قال : إن أول بيت وضع للناس يعبد الله فيه للذي ببكة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وأحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، وابن جرير ، والبيهقي في " الشعب " ، عن أبي ذر قال : قلت يا رسول الله، أي مسجد وضع أول؟ قال : " المسجد الحرام " . قلت : ثم أي؟ قال : " المسجد الأقصى " . قلت : كم بينهما؟ قال : " أربعون سنة " .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 671 ] وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، والطبراني ، والبيهقي في " الشعب " ، عن ابن عمرو قال : خلق الله البيت قبل الأرض بألفي سنة، وكان - إذ كان عرشه على الماء - زبدة بيضاء، وكانت الأرض تحته كأنها حشفة، فدحيت الأرض من تحته .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة قال : إن الكعبة خلقت قبل الأرض بألفي سنة، وهي من الأرض، إنما كانت حشفة على الماء، عليها ملكان من الملائكة يسبحان، فلما أراد الله أن يخلق الأرض دحاها منها، فجعلها في وسط الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، والأزرقي، عن مجاهد قوله : إن أول بيت وضع للناس : كقوله : كنتم خير أمة أخرجت للناس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن السدي قال : أما أول بيت، فإنه يوم كانت الأرض ماء، كان زبدة على الأرض، فلما خلق الله الأرض خلق البيت معها ، فهو أول بيت وضع في الأرض .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 672 ] وأخرج ابن المنذر عن الحسن في الآية قال : أول قبلة أعملت للناس المسجد الحرام .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن المنذر ، والأزرقي، عن ابن جريج قال : بلغنا أن اليهود قالت : بيت المقدس أعظم من الكعبة ؛ لأنها مهاجر الأنبياء، ولأنه في الأرض المقدسة . فقال المسلمون : بل الكعبة أعظم ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت : إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا إلى قوله : فيه آيات بينات مقام إبراهيم . وليس ذلك في بيت المقدس، ومن دخله كان آمنا . وليس ذلك في بيت المقدس، ولله على الناس حج البيت . وليس ذلك لبيت المقدس .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في " الشعب " عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أول بقعة وضعت في الأرض موضع البيت، ثم مهدت منها الأرض ، وإن أول جبل وضعه الله على وجه الأرض أبو قبيس، ثم مدت منه الجبال " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن عبد الله بن الزبير قال : إنما سميت بكة لأن الناس يجيئون إليها من كل جانب حجاجا .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 673 ] وأخرج سعيد بن منصور ، وابن جرير ، والبيهقي في " الشعب " ، عن مجاهد قال : إنما سميت بكة لأن الناس يتباكون فيها ؛ الرجال والنساء . يعني يزدحمون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير ، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد والبيهقي ، عن مجاهد قال : إنما سميت بكة لأن الناس يبك بعضهم بعضا فيها، وأنه يحل فيها ما لا يحل في غيرها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، والبيهقي في " الشعب " ، عن قتادة قال : سميت بكة لأن الله بك به الناس جميعا، فيصلي النساء قدام الرجال، ولا يصلح ذلك ببلد غيره .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن عتبة بن قيس قال : إن مكة بكت بكا، الذكر فيها كالأنثى . قيل : عمن تروي هذا؟ قال : فذكر ابن عمر .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 674 ] وأخرج ابن أبي حاتم ، عن محمد بن زيد بن مهاجر قال : إنما سميت بكة لأنها كانت تبك الظلمة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، عن عكرمة قال : البيت وما حوله بكة، وما وراء ذلك مكة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، عن أبي مالك الغفاري قال : بكة موضع البيت، ومكة ما سوى ذلك .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن ابن شهاب قال : بكة البيت والمسجد، ومكة الحرم كله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، عن الضحاك قال : بكة هي مكة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس قال : مكة من الفج إلى التنعيم، وبكة من البيت إلى البطحاء .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 675 ] وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : بكة الكعبة، ومكة ما حولها .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم ، عن مقاتل بن حيان : مباركا : جعل فيه الخير والبركة، وهدى للعالمين . يعني بالهدى قبلتهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق في " المصنف " ، والبيهقي في " الشعب " ، عن الزهري قال : بلغني أنهم وجدوا في مقام إبراهيم ثلاثة صفوح، في كل صفح منها كتاب ، في الصفح الأول : أنا الله ذو بكة، صغتها يوم صغت الشمس والقمر، وحففتها بسبعة أملاك حنفاء، وباركت لأهلها في اللحم واللبن . وفي الصفح الثاني : أنا الله ذو بكة، خلقت الرحم، وشققت لها من اسمي، ومن وصلها وصلته، ومن قطعها بتته . وفي الثالث : أنا الله ذو بكة، خلقت الخير والشر، فطوبى لمن كان الخير على يديه، وويل لمن كان الشر على يديه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : وجد في المقام كتاب فيه : هذا بيت الله الحرام بكة، توكل الله برزق أهله من ثلاثة سبل ، مبارك لأهلها في اللحم والماء واللبن، لا يحله أول من أهله . ووجد في حجر من الحجر كتاب من خلقة الحجر : أنا الله ذو بكة الحرام، صغتها يوم صغت الشمس والقمر، وحففتها [ ص: 676 ] بسبعة أملاك حنفاء، لا تزول حتى يزول أخشباها، مبارك لأهلها في اللحم والماء .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد ، والضحاك ، نحوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الجندي في " فضائل مكة " عن ابن عباس ، وأبي هريرة، قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " خلق الله مكة فوضعها على المكروهات والدرجات " . قيل لسعيد بن جبير : ما الدرجات؟ قال : الجنة، الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي، والجندي، عن عائشة قالت : ما رأيت السماء في موضع أقرب منها إلى الأرض من مكة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي عن عطاء بن كثير، رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم : " المقام بمكة سعادة، والخروج منها شقوة " .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 677 ] وأخرج الأزرقي، والجندي، والبيهقي في " الشعب " وضعفه، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أدركه شهر رمضان بمكة فصامه كله، وقام منه ما تيسر، كتب الله له مائة ألف شهر رمضان بغير مكة ، وكتب له كل يوم حسنة، وكل ليلة حسنة، وكل يوم عتق رقبة، وكل ليلة عتق رقبة، وكل يوم حملان فرس في سبيل الله، وكل ليلة حملان فرس في سبيل الله، وله بكل يوم دعوة مستجابة " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الأزرقي، والطبراني في " الأوسط " ، عن جابر بن عبد الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " هذا البيت دعامة الإسلام، من خرج يؤم هذا البيت من حاج أو معتمر، كان مضمونا على الله إن قبضه أن يدخله الجنة، وإن رده أن يرده بأجر أو غنيمة " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في " الشعب " ، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الصلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، والجمعة في مسجدي هذا أفضل من ألف جمعة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وشهر رمضان في مسجدي هذا أفضل من ألف شهر رمضان فيما سواه إلا المسجد الحرام " .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 678 ] وأخرج البزار ، وابن خزيمة، والطبراني ، والبيهقي في " الشعب " عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة، وفي مسجدي ألف صلاة، وفي مسجد بيت المقدس خمسمائة صلاة " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن ماجه ،عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلاة الرجل في بيته بصلاة، وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة، وصلاة في المسجد الذي يجمع فيه بخمسمائة صلاة، وصلاة في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة، وصلاة في مسجدي بخمسين ألف صلاة، وصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، ومسلم ، والنسائي ، وابن ماجه ،عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطيالسي ، وأحمد ، والبزار ، وابن خزيمة ، وابن حبان ، وابن عدي ، والبيهقي ، عن عبد الله بن الزبير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام، [ ص: 679 ] وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة في مسجدي هذا " . قيل لعطاء : هذا الفضل الذي يذكر في المسجد الحرام وحده أو في الحرم؟ قال : لا ، بل في الحرم، فإن الحرم كله مسجد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وابن ماجه ، عن جابر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، والبخاري ، ومسلم ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، والبيهقي ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البزار عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا خاتم الأنبياء، ومسجدي خاتم مساجد الأنبياء، أحق المساجد أن يزار وتشد إليه الرواحل المسجد الحرام ومسجدي ؛ صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام " .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 680 ] وأخرج الطيالسي ، وابن أبي شيبة ، وأحمد ، وابن منيع، والروياني ، وابن خزيمة، والطبراني ، عن جبير بن مطعم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية