الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها [ ص: 242 ] بالبأساء والضراء لعلهم يضرعون ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة حتى عفوا وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء فأخذناهم بغتة وهم لا يشعرون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء فيه أربعة أقاويل: أحدها: أن البأساء: القحط ، والضراء: الأمراض والشدائد ، قاله الحسن . والثاني: أن البأساء الجوع ، والضراء: الفقر ، قاله ابن عباس . والثالث: أن البأساء: البلاء ، والضراء الزمانة. والرابع: أن البأساء: ما نالهم من الشدة في أنفسهم. والضراء: ما نالهم في أموالهم ، حكاه علي بن عيسى. ويحتمل قولا خامسا: أن البأساء الحروب. لعلهم يضرعون فيه وجهان: أحدهما: يتوبون.

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: يدعون ، قاله ابن عباس . قوله عز وجل: ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة فيه وجهان: أحدهما: مكان الشدة الرخاء ، قاله ابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، ومجاهد . والثاني: مكان الخير والشر. حتى عفوا فيه أربعة أقاويل: أحدها: حتى كثروا ، قاله ابن عباس ، ومجاهد ، والسدي ، قال لبيد:


                                                                                                                                                                                                                                        وأناس بعد قتل قد عفوا وكثير زال عنهم فانتقل



                                                                                                                                                                                                                                        والثاني: حتى أعرضوا ، قاله ابن بحر . والثالث: حتى سروا ، قاله قتادة . والرابع: حتى سمنوا ، قاله الحسن ، ومنه قول بشر بن أبي حازم:


                                                                                                                                                                                                                                        فلما أن عفا وأصاب مالا     تسمن معرضا فيه ازورار

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 243 ] وقالوا قد مس آباءنا الضراء والسراء أي الشدة والرخاء يعنون ليس البأساء والضراء عقوبة على تكذيبك وإنما هي عادة الله في خلقه أن بعد كل خصب جدبا وبعد كل جدب خصبا.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية