الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين

                                                                                                                                                                                                مكن له في الأرض : جعل له مكانا له فيها ; ونحوه : أرض له ، ومنه قوله : إنا مكنا له في الأرض [الكهف : 84] أولم نمكن لهم [القصص : 57] وأما مكنته في الأرض فأثبته فيها ; ومنه قوله : ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه [الأحقاف : 26] ولتقارب المعنيين جمع بينهما في قوله : مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم ، والمعنى : لم نعط أهل مكة نحو ما أعطينا عادا وثمود وغيرهم ، من البسطة في الأجسام ، والسعة في الأموال ، والاستظهار بأسباب الدنيا ، والسماء المظلة ; لأن الماء ينزل منها إلى السحاب ، أو السحاب ، أو المطر ، والمدرار : المغزار .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : أي فائدة في ذكره إنشاء قرن آخرين بعدهم؟

                                                                                                                                                                                                قلت : الدلالة على أنه لا يتعاظمه أن يهلك قرنا ويخرب بلاده منهم ، فإنه قادر على أن ينشئ مكانهم آخرين يعمر بهم بلاده ; كقوله تعالى : ولا يخاف عقباها [الشمس : 15] .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية