والفاء في قوله تعالى:
nindex.php?page=treesubj&link=24770_25561_29677_33439_34092_34122_34308_34494_7856_7860_7920_8392_29018nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإذا لقيتم الذين كفروا لترتيب ما في حيزها من الأمر على ما قبلها فإن ضلال أعمال الكفرة وخيبتهم
[ ص: 39 ] وصلاح أحوال المؤمنين وفلاحهم مما يوجب أن يترتب على كل من الجانبين ما يليق به من الأحكام أي إذا كان الأمر كذلك فإذا لقيتموهم في المحارب
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فضرب الرقاب وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ( لقيتم ) من اللقاء وهو الحرب و (ضرب) نصب على المصدرية لفعل محذوف والأصل اضربوا الرقاب ضربا فحذف الفعل وقدم المصدر وأنيب منابه مضافا إلى المفعول، وحذف الفعل الناصب في مثل ذلك بما أضيف إلى معموله واجب، وهو أحد مواضع يجب فيها الحذف ذكرت في مطولات كتب النحو، وليس منها نحو ضربا زيدا على ما نص عليه
ابن عصفور.
وذكر غير واحد أن فيما ذكر اختصارا وتأكيدا ولا كلام في الاختصار، وأما التأكيد فظاهر القول به أن المصدر بعد حذف عامله مؤكد، وقال
الحمصي في حواشي التصريح: إن المصدر في ذلك مؤكد في الأصل وأما الآن فلا لأنه صار بمنزلة الفعل الذي سد هو مسده فلا يكون مؤكدا بل كل مصدر صار بدلا من اللفظ بالفعل لا يكون مؤكدا ولا مبينا لنوع ولا عدد، و(ضرب الرقاب) مجاز مرسل عن القتل، وعبر به عنه إشعارا بأنه ينبغي أن يكون بضرب الرقبة حيث أمكن وتصويرا له بأشنع صورة لأن ضرب الرقبة فيه إطارة الرأس الذي هو أشرف أعضاء البدن ومجمع حواسه وبقاء البدن ملقى على هيئة منكرة والعياذ بالله تعالى، وذكر أن في التعبير المذكور تشجيع المؤمنين وأنهم منهم بحيث يتمكنون من القتل بضرب أعناقهم في الحرب
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4حتى إذا أثخنتموهم أي أوقعتم القتل بهم بشدة وكثرة على أن ذلك مستعار من ثخن المائعات لمنعه عن الحركة، والمراد حتى إذا أكثرتم قتلهم وتمكنتم من أخذ من لم يقتل
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فشدوا الوثاق أي فأسروهم واحفظوهم، فالشد وكذا ما بعد في حق من أسر منهم بعد إثخانهم لا للمثخن إذ هو بالمعنى السابق لا يشد ولا يمن عليه ولا يفدى لأنه قد قتل أو المعنى حتى إذا أثقلتموهم بالجراح ونحوه بحيث لا يستطيعون النهوض فأسروهم واحفظوهم فالشد وكذا ما بعد في حق المثخن لأنه بهذا المعنى هو الذي لم يصل إلى حد القتل لكن ثقل عن الحركة فصار كالشيء الثخين الذي لم يسل ولم يستمر في ذهابه، والإثخان عليه مجاز أيضا، ( والوثاق ) في الأصل مصدر كالخلاص وأريد به هنا ما يوثق به. وقرئ (الوثاق) بالكسر وهو اسم لذلك، ومجيء فعال اسم آلة كالحزام والركاب نادر على خلاف القياس، وظاهر كلام البعض أن كلا من المفتوح والمكسور اسم لما يوثق به، ولعل المراد بيان المراد هنا.
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فإما منا بعد وإما فداء أي فإما تمنون منا وإما تفدون فداء، والكلام تفصيل لعاقبة مضمون ما قبله من شد الوثاق، وحذف الفعل الناصب للمصدر في مثل ذلك واجب أيضا، ومنه قوله:
لأجهدن فإما درء واقعة تخشى وإما بلوغ السؤل والأمل
وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء كون كل من ( منا وفداء ) مفعولا به لمحذوف أي أولوهم ( منا ) أو اقبلوا منهم فداء، وليس كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان إعراب نحوي. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير في رواية
شبل ( وإما فدى) بالفتح والقصر كعصا. وزعم
nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم أنه لا يجوز قصره لأنه مصدر فاديته، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14589الشهاب: ولا عبرة به فإن فيه أربع لغات: الفتح والكسر مع المد والقصر ولغة خامسة البناء مع الكسر كما حكاه الثقات انتهى، وفي الكشف نقلا عن الصحاح الفداء إذا كسر أوله يمد ويقصر وإذا فتح فهو مقصور. ومن العرب من يكسر الهمزة أي يبنيه على الكسر إذا جاوز لام الجر خاصة لأنه اسم فعل بمعنى الدعاء، وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي بيت
nindex.php?page=showalam&ids=8572النابغة مهلا فداء لك. وهذا الكسر مع التنوين
[ ص: 40 ] كما صرح به في البحر، وظاهر الآية على ما ذكره
السيوطي في أحكام القرآن العظيم امتناع القتل بعد الأسر وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن. وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=13508وابن مردويه عنه أنه قال: أتى
الحجاج بأسارى فدفع إلى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله تعالى عنهما رجلا يقتله فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : ليس بهذا أمرنا إنما قال الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء وفي حكم الأسارى خلاف فذهب الأكثرون إلى أن الإمام بالخيار إن شاء قتلهم إن لم يسلموا لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم قتل صبرا
عقبة بن أبي معيط وطعيمة بن عدي والنضر بن الحرث التي قالت فيه أخته أبياتا منها تخاطب النبي صلى الله عليه وسلم:
ما كان ضرك لو مننت وربما من الفتى وهو المغيظ المحنق
ولأن في قتلهم حسم مادة فسادهم بالكلية، وليس لواحد من الغزاة أن يقتل أسيرا بنفسه فإن فعل بلا ملجئ كخوف شر الأسير كان للإمام أن يعزره إذا وقع على خلاف مقصوده ولكن لا يضمن شيئا، وإن شاء استرقهم لأن فيه دفع شرهم مع وفور المصلحة لأهل الإسلام، وإن شاء تركهم ذمة أحرارا للمسلمين كما فعل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله تعالى عنه ذلك في أهل السواد إلا أسارى مشركي
العرب nindex.php?page=treesubj&link=26887_27778والمرتدين فإنهم لا تقبل منهم جزية ولا يجوز استرقاقهم بل الحكم فيهم إما الإسلام أو السيف، وإن
nindex.php?page=treesubj&link=25958_8393أسلم الأسارى بعد الأسر لا يقتلهم لاندفاع شرهم بالإسلام، ولكن يجوز استرقاقهم فإن الإسلام لا ينافي الرق جزاء على الكفر الأصلي وقد وجد بعد انعقاد سبب الملك وهو الاستيلاء على الحربي غير المشرك من
العرب، بخلاف ما لو أسلموا من قبل الأخذ فإنهم يكونون أحرارا لأنه إسلام قبل انعقاد سبب الملك فيهم، ولا يفادى بالأسارى في إحدى الروايتين عن الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه لما في ذلك من معونة الكفر لأنه يعود الأسير الكافر حربا علينا، ودفع شر حرابته خير من استنقاذ المسلم لأنه إذا بقي في أيديهم كان ابتلاء في حقه فقط، والضرر بدفع أسيرهم إليهم يعود على جماعة المسلمين.
والرواية الأخرى عنه أنه يفادى وهو قول
محمد وأبي يوسف والإمام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد إلا بالنساء فإنه لا يجوز المفاداة بهن عندهم، ومنع
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد المفاداة بصبيانهم، وهذه رواية السير الكبير، قيل: وهو أظهر الروايتين عن الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وقال
أبو يوسف: تجوز المفاداة بالأسارى قبل القسمة لا بعدها، وعند
محمد تجوز بكل حال.
ووجه ما ذكره الأئمة من جواز المفاداة أن تخليص المسلم أولى من قتل الكافر للانتفاع به ولأن حرمته عظيمة وما ذكر من الضرر الذي يعود إلينا بدفعه إليهم يدفعه ظاهرا المسلم الذي يتخلص منهم لأنه ضرر شخص واحد فيقوم بدفعه واحد مثله ظاهرا فيتكافئان وتبقى فضيلة تخليص المسلم وتمكينه من عبادة الله تعالى فإن فيها زيادة ترجيح.
ثم إنه قد ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير عن
عمران ابن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين، ويحتج
لمحمد بما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا عن
إياس بن سلمة nindex.php?page=hadith&LINKID=660307عن أبيه سلمة قال: خرجنا مع nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر رضي الله تعالى عنه أمره علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قال: فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد في السوق فقال: يا سلمة هب لي المرأة يعني التي نفله nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر إياها. فقلت: يا رسول الله لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبا، ثم لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد في السوق فقال: (يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك) فقلت: هي لك يا رسول الله فوالله ما كشفت لها ثوبا فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ففدى بها ناسا من المسلمين أسروا بمكة.
ولا يفادى بالأسير إذا أسلم وهو
[ ص: 41 ] بأيدينا لأنه لا يفيد إلا إذا طابت نفسه وهو مأمون على إسلامه فيجوز لأنه يفيد تخليص مسلم من غير إضرار بمسلم آخر، وأما المفاداة بمال فلا تجوز في المشهور من مذهب الحنفية لما بين في المفاداة بالمسلمين من ردهم حربا علينا. وفي السير الكبير أنه لا بأس به إذا كان بالمسلمين حاجة. قيل: استدلالا بأسارى بدر فإنه لا شك في احتياج المسلمين بل في شدة حاجتهم إذ ذاك فليكن محمل المفاداة الكائنة في بدر بالمال. وأما المن على الأسارى وهو أن يطلقهم إلى دار الحرب من غير شيء فلا يجوز عند
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد ، وأجازه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لأنه صلى الله تعالى عليه وسلم من على جماعة من أسرى بدر منهم
أبو العاص بن أبي الربيع على ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق بسنده،
وأبو دواد من طريقه إلى
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=hadith&LINKID=706003لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت بنت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في فداء أبي العاص بمال وبعثت فيه بقلادة كانت nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنائه عليها فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك رق لها رقة شديدة وقال لأصحابه: (إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا لها الذي لها) ففعلوا ذلك مغتبطين به، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وصححه وزاد
nindex.php?page=hadith&LINKID=66757 (وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه أن يخلي nindex.php?page=showalam&ids=437زينب إليه ففعل) ومن صلى الله عليه وسلم على ثمامة بن أثال ابن النعمان الحنفي سيد أهل اليمامة ثم أسلم وحسن إسلامه، وحديثه في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، ويكفي ما ثبت في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من قوله عليه الصلاة والسلام:
nindex.php?page=hadith&LINKID=652906 (لو كان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى- يعني أسارى بدر- لتركتهم له) فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر وهو الصادق المصدوق بأنه يطلقهم لو سأله المطعم، والإطلاق على ذلك التقدير لا يثبت إلا وهو جائز شرعا لمكان العصمة، وكونه لم يقع لعدم وقوع ما علق عليه لا ينفي جوازه شرعا.
واستدل أيضا بالآية التي نحن فيها فإن الله تعالى خير فيها بين المن والفداء، والظاهر أن المراد بالمن الإطلاق مجانا وكون المراد المن عليهم بترك القتل وإبقاءهم مسترقين أو تخليتهم لقبول الجزية وكونهم من أهل الذمة خلاف الظاهر، وبعض النفوس يجد طعم الآلاء أحلى من هذا المن. وأجاب بعض الحنفية بأن الآية منسوحة بقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم من سورة براءة فإنه يقتضي عدم جواز المن وكذا عدم جواز الفداء وهي آخر سورة نزلت في هذا الشأن، وزعم أن ما وقع من المن والفداء إنما كان في قضية بدر وهي سابقة عليها وإن كان شيء من ذلك بعد بدر فهو أيضا قبل السورة.
والقول بالنسخ جاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد في روايات ذكرها
الجلال السيوطي في الدر المنثور، وقال
العلامة ابن الهمام: قد يقال: إن ذلك- يعني ما في سورة براءة- في حق غير الأسارى بدليل جواز الاسترقاق فيهم فيعلم أن القتل المأمور به في حق غيرهم، وما ذكره في جواز الاسترقاق ليس على إطلاقه إذ لا يجوز كما علمت استرقاق مشركي
العرب nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4حتى تضع الحرب أوزارها أي آلاتها وأثقالها من السلاح وغيره، قال
الأعشى: وأعددت للحرب أوزارها رماحا طوالا وخيلا ذكورا
ومن نسج داود موضونة تساق إلى الحرب عيرا فعيرا
وهي في الأصل الأحمال فاستعيرت لما ذكر استعارة تصريحية، ويجوز أن يكون في ( الحرب ) استعارة مكنية بأن تشبه بإنسان يحمل حملا على رأسه أو ظهره ويثبت لها ما أثبت تخييلا، وكلام الكشاف أميل
[ ص: 42 ] إليه، وقيل:
هي أحمال المحارب أضيفت للحرب تجوزا في النسبة الإضافية وتغليبا لها على الكراع، وإسناد الوضع للحرب مجازي أيضا وليس بذاك. وعد بعض الأماثل الكلام تمثيلا، والمراد حتى تنقضي الحرب وقال: يجوز أن يكون إرادة ذلك من باب المجاز المتفرع على الكناية كما في قوله: فألقت عصاها واستقر بها النوى. فإنه كنى به عن انقضاء السفر والإقامة، قيل: الأوزار جمع وز بمعنى إثم وهو هنا الشرك والمعاصي، و ( تضع ) بمعنى تترك مجازا، وإسناده للحرب مجاز أو بتقدير مضاف، والمعنى حتى يضع أهل الحرب شركهم ومعاصيهم، وفيه أنه لا يستحسن إضافة الأوزار بمعنى الآثام إلى الحرب، ( وحتى ) عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي عليه الرحمة ومن قال نحو قوله: غاية للضرب، والمعنى اضربوا أعناقهم حتى تنقضي الحرب، وليس هذا بدلا من الأول ولا تأكيدا له بناء على ما قرروه من أن حتى الداخلة على إذا الشرطية ابتدائية أو غاية للشد أو للمن والفداء معا أو للمجموع من قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فضرب الرقاب إلخ بمعنى أن هذه الأحكام جارية فيهم حتى لا يكون حرب مع المشركين بزوال شوكتهم، وقيل: بنزول
عيسى عليه السلام، وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير .
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ، وفي الحديث ما يؤيده. أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي وغيرهما
عن سلمة بن نفيل قال: بينما أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل فقال: يا رسول الله إن الخيل قد سيبت ووضع السلاح وزعم أقوام أن لا قتال وأن قد وضعت الحرب أوزارها فقال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: (كذبوا فالآن جاء القتال ولا تزال طائفة من أمتي يقاتلون في سبيل الله لا يضرهم من خالفهم يزيغ الله تعالى قلوب قوم ليرزقهم منهم وتقاتلون حتى تقوم الساعة ولا تزال الخيل معقودا في نواصيها الخير حتى تقوم الساعة ولا تضع الحرب أوزارها حتى يخرج يأجوج ومأجوج).
وهي عند من يقول: لا من ولا فداء اليوم غاية للمن والفداء إن حمل على الحرب على حرب بدر بجعل تعريفه للعهد، والمعنى المن عليهم ويفادون حتى تضع حرب بدر أوزارها، وغاية للضرب والشد إن حملت على الجنس، والمعنى أنهم يقتلون ويؤسرون حتى تضع جنس الحرب أوزارها بأن لا يبقى للمشركين شوكة، ولا تجعل غاية للمن والفداء مع إرادة الجنس.
وفي زعم جوازه والتزام النسخ كلام فتأمل ( ذلك ) أي الأمر ذلك أو افعلوا ذلك فهو في محل رفع خبر مبتدأ محذوف أو في محل نصب مفعول لفعل كذلك، والإشارة إلى ما دل عليه قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فضرب الرقاب إلخ لا إلى ما تقدم من أول السورة إلى هاهنا لأن افعلوا لا يقع على جميع السالف وعلى الرفع ينفك النظم الجليل إن لم يحمل عليه لأن ما بعد كلام فيهم
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4ولو يشاء الله لانتصر منهم لانتقم منهم ببعض أسباب الهلاك من خسف أو رجفة أو غرق أو موت جارف
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4ولكن ليبلو بعضكم ببعض ولكن أمركم سبحانه بالقتال ليبلو المؤمنين بالكافرين بأن يجاهدوهم فينالوا الثواب ويخلد في صحف الدهر ما لهم من الفضل الجسيم والكافرين بالمؤمنين بأن يعاجلهم عز وجل ببعض انتقامه سبحانه فيتعظ به بعض منهم ويكون سببا لإسلامه واللام متعلقة بالفعل المقدر الذي ذكرناه
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4والذين قتلوا في سبيل الله أي استشهدوا.
وقرأ الجمهور (قاتلوا) أي جاهدوا،
والجحدري بخلاف عنه (قتلوا) بفتح القاف والتاء بلا ألف،
وزيد بن ثابت nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبو رجاء nindex.php?page=showalam&ids=16747وعيسى والجحدري أيضا (قتلوا) بالبناء للمفعول وشد التاء.
[ ص: 43 ] nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فلن يضل أعمالهم فلن يضيعها سبحانه، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=8علي كرم الله تعالى وجهه ( يضل) مبنيا للمفعول (أعمالهم) بالرفع على النيابة عن الفاعل. وقرئ (يضل) بفتح الياء من ضل (أعمالهم) بالرفع على الفاعلية. والآية قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : كما أخرجه عنه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم ذكر لنا
nindex.php?page=hadith&LINKID=653737أنها نزلت في يوم أحد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الشعب وقد فشت فيهم الجراحات والقتل وقد نادى المشركون يومئذ اعل هبل ونادى المسلمون الله أعلى وأجل فنادى المشركون يوم بيوم بدر وإن الحرب سجال لنا عزى ولا عزى لكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الله مولانا ولا مولى لكم إن القتلى مختلفة أما قتلانا فأحياء مرزوقون وأما قتلاكم ففي النار يعذبون).
ومنه يعلم وجه قراءة (قتلوا) بصيغة التفعيل
وَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=treesubj&link=24770_25561_29677_33439_34092_34122_34308_34494_7856_7860_7920_8392_29018nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لِتَرْتِيبِ مَا فِي حَيِّزِهَا مِنَ الْأَمْرِ عَلَى مَا قَبْلَهَا فَإِنَّ ضَلَالَ أَعْمَالِ الْكَفَرَةِ وَخَيْبَتَهُمْ
[ ص: 39 ] وَصَلَاحَ أَحْوَالِ الْمُؤْمِنِينَ وَفَلَاحَهُمْ مِمَّا يُوجِبُ أَنْ يَتَرَتَّبَ عَلَى كُلٍّ مِنَ الْجَانِبَيْنِ مَا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الْأَحْكَامِ أَيْ إِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي الْمَحَارِبِ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَضَرْبَ الرِّقَابِ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ( لَقِيتُمُ ) مِنَ اللِّقَاءِ وَهُوَ الْحَرْبُ وَ (ضَرْبَ) نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِيَّةِ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ وَالْأَصْلُ اضْرِبُوا الرِّقَابَ ضَرْبًا فَحُذِفَ الْفِعْلُ وَقُدِّمَ الْمَصْدَرُ وَأُنِيبَ مَنَابَهُ مُضَافًا إِلَى الْمَفْعُولِ، وَحَذْفُ الْفِعْلِ النَّاصِبِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ بِمَا أُضِيفَ إِلَى مَعْمُولِهِ وَاجِبٌ، وَهُوَ أَحَدُ مَوَاضِعَ يَجِبُ فِيهَا الْحَذْفُ ذُكِرَتْ فِي مُطَوَّلَاتِ كُتُبِ النَّحْوِ، وَلَيْسَ مِنْهَا نَحْوَ ضَرْبًا زَيْدًا عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ
ابْنُ عُصْفُورٍ.
وَذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّ فِيمَا ذُكِرَ اخْتِصَارًا وَتَأْكِيدًا وَلَا كَلَامَ فِي الِاخْتِصَارِ، وَأَمَّا التَّأْكِيدُ فَظَاهِرُ الْقَوْلِ بِهِ أَنَّ الْمَصْدَرَ بَعْدَ حَذْفِ عَامَلِهِ مُؤَكِّدٌ، وَقَالَ
الْحِمَّصِيُّ فِي حَوَاشِي التَّصْرِيحِ: إِنَّ الْمَصْدَرَ فِي ذَلِكَ مُؤَكِّدٌ فِي الْأَصْلِ وَأَمَّا الْآنُ فَلَا لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْفِعْلِ الَّذِي سَدَّ هُوَ مَسَدَّهُ فَلَا يَكُونُ مُؤَكِّدًا بَلْ كُلُّ مَصْدَرٍ صَارَ بَدَلًا مِنَ اللَّفْظِ بِالْفِعْلِ لَا يَكُونُ مُؤَكِّدًا وَلَا مُبَيِّنًا لِنَوْعٍ وَلَا عَدَدٍ، وَ(ضَرْبَ الرِّقَابِ) مَجَازٌ مُرْسَلٌ عَنِ الْقَتْلِ، وَعُبِّرَ بِهِ عَنْهُ إِشْعَارًا بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِضَرْبِ الرَّقَبَةِ حَيْثُ أَمْكَنَ وَتَصْوِيرًا لَهُ بِأَشْنَعِ صُورَةٍ لِأَنَّ ضَرْبَ الرَّقَبَةِ فِيهِ إِطَارَةُ الرَّأْسِ الَّذِي هُوَ أَشْرَفُ أَعْضَاءِ الْبَدَنِ وَمَجْمَعُ حَوَاسِّهِ وَبَقَاءُ الْبَدَنِ مُلْقًى عَلَى هَيْئَةٍ مُنْكَرَةٍ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَذُكِرَ أَنَّ فِي التَّعْبِيرِ الْمَذْكُورِ تَشْجِيعَ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنَّهُمْ مِنْهُمْ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُونَ مِنَ الْقَتْلِ بِضَرْبِ أَعْنَاقِهِمْ فِي الْحَرْبِ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ أَيْ أَوْقَعْتُمُ الْقَتْلَ بِهِمْ بِشِدَّةٍ وَكَثْرَةٍ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مُسْتَعَارٌ مِنْ ثَخْنِ الْمَائِعَاتِ لِمَنْعِهِ عَنِ الْحَرَكَةِ، وَالْمُرَادُ حَتَّى إِذَا أَكْثَرْتُمْ قَتْلَهُمْ وَتَمَكَّنْتُمْ مِنْ أَخْذِ مَنْ لَمْ يُقْتَلْ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَشُدُّوا الْوَثَاقَ أَيْ فَأْسِرُوهُمْ وَاحْفَظُوهُمْ، فَالشَّدُّ وَكَذَا مَا بَعْدُ فِي حَقِّ مَنْ أُسِرَ مِنْهُمْ بَعْدَ إِثْخَانِهِمْ لَا لِلْمُثْخِنِ إِذْ هُوَ بِالْمَعْنَى السَّابِقِ لَا يُشَدُّ وَلَا يُمَنُّ عَلَيْهِ وَلَا يُفْدَى لِأَنَّهُ قَدْ قُتِلَ أَوِ الْمَعْنَى حَتَّى إِذَا أَثْقَلْتُمُوهُمْ بِالْجِرَاحِ وَنَحْوَهُ بِحَيْثُ لَا يَسْتَطِيعُونَ النُّهُوضَ فَأْسِرُوهُمْ وَاحْفَظُوهُمْ فَالشَّدُّ وَكَذَا مَا بَعْدُ فِي حَقِّ الْمُثْخَنِ لِأَنَّهُ بِهَذَا الْمَعْنَى هُوَ الَّذِي لَمْ يَصِلْ إِلَى حَدِّ الْقَتْلِ لَكِنْ ثَقُلَ عَنِ الْحَرَكَةِ فَصَارَ كَالشَّيْءِ الثَّخِينِ الَّذِي لَمْ يُسَلْ وَلَمْ يَسْتَمِرَّ فِي ذَهَابِهِ، وَالْإِثْخَانُ عَلَيْهِ مَجَازٌ أَيْضًا، ( وَالْوَثَاقَ ) فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ كَالْخَلَاصِ وَأُرِيدَ بِهِ هُنَا مَا يُوثَقُ بِهِ. وَقُرِئَ (الْوَثَاقِ) بِالْكَسْرِ وَهُوَ اسْمٌ لِذَلِكَ، وَمَجِيءُ فَعَالٍ اسْمَ آلَةٍ كَالْحِزَامِ وَالرِّكَابِ نَادِرٌ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْبَعْضِ أَنَّ كُلًّا مِنَ الْمَفْتُوحِ وَالْمَكْسُورِ اسْمٌ لِمَا يُوثَقُ بِهِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بَيَانُ الْمُرَادِ هُنَا.
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً أَيْ فَإِمَّا تُمَنُّونَ مِنَّا وَإِمَّا تُفْدَوْنَ فِدَاءً، وَالْكَلَامُ تَفْصِيلٌ لِعَاقِبَةِ مَضْمُونِ مَا قَبْلَهُ مِنْ شَدِّ الْوَثَاقِ، وَحَذْفُ الْفِعْلِ النَّاصِبِ لِلْمَصْدَرِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَاجِبٌ أَيْضًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
لَأَجْهَدْنَ فَإِمَّا دَرْءُ وَاقِعَةٍ تُخْشَى وَإِمَّا بُلُوغُ السُّؤْلِ وَالْأَمَلِ
وَجَوَّزَ
nindex.php?page=showalam&ids=14803أَبُو الْبَقَاءِ كَوْنَ كُلٍّ مِنْ ( مَنًّا وَفِدَاءً ) مَفْعُولًا بِهِ لِمَحْذُوفٍ أَيْ أَوْلُوهُمْ ( مَنًّا ) أَوِ اقْبَلُوا مِنْهُمْ فِدَاءً، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ إِعْرَابٌ نَحْوِيٌّ. وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابْنُ كَثِيرٍ فِي رِوَايَةِ
شِبْلٍ ( وَإِمَّا فَدَى) بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ كَعَصَا. وَزَعَمَ
nindex.php?page=showalam&ids=11970أَبُو حَاتِمٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَصْرُهُ لِأَنَّهُ مَصْدَرُ فَادَيْتُهُ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14589الشِّهَابُ: وَلَا عِبْرَةَ بِهِ فَإِنَّ فِيهِ أَرْبَعَ لُغَاتٍ: الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَلُغَةٌ خَامِسَةٌ الْبِنَاءُ مَعَ الْكَسْرِ كَمَا حَكَاهُ الثِّقَاتُ انْتَهَى، وَفِي الْكَشْفِ نَقْلًا عَنِ الصِّحَاحِ الْفِدَاءُ إِذَا كُسِرَ أَوَّلُهُ يُمَدُّ وَيُقْصَرُ وَإِذَا فُتِحَ فَهُوَ مَقْصُورٌ. وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَكْسِرُ الْهَمْزَةَ أَيْ يَبْنِيهِ عَلَى الْكَسْرِ إِذَا جَاوَزَ لَامَ الْجَرِّ خَاصَّةً لِأَنَّهُ اسْمُ فِعْلٍ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ، وَأَنْشَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13721الْأَصْمَعِيُّ بَيْتَ
nindex.php?page=showalam&ids=8572النَّابِغَةِ مَهْلًا فِدَاءً لَكِ. وَهَذَا الْكَسْرُ مَعَ التَّنْوِينِ
[ ص: 40 ] كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ
السُّيُوطِيُّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ امْتِنَاعُ الْقَتْلِ بَعْدَ الْأَسْرِ وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ. وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=13508وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: أَتَى
الْحَجَّاجُ بِأُسَارَى فَدَفَعَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا رَجُلًا يَقْتُلُهُ فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ : لَيْسَ بِهَذَا أُمِرْنَا إِنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً وَفِي حُكْمِ الْأُسَارَى خِلَافٌ فَذَهَبَ الْأَكْثَرُونَ إِلَى أَنَّ الْإِمَامَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ قَتَلَهُمْ إِنْ لَمْ يُسْلِمُوا لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتَلَ صَبْرًا
عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ وَطُعَيْمَةَ بْنَ عَدِيٍّ وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَرْثِ الَّتِي قَالَتْ فِيهِ أُخْتُهُ أَبْيَاتًا مِنْهَا تُخَاطِبُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَا كَانَ ضَرُّكَ لَوْ مَنَنْتَ وَرُبَّمَا مَنَّ الْفَتَى وَهُوَ الْمُغِيظُ الْمُحْنِقُ
وَلِأَنَّ فِي قَتْلِهِمْ حَسْمَ مَادَّةِ فَسَادِهِمْ بِالْكُلِّيَّةِ، وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنَ الْغُزَاةِ أَنْ يَقْتُلَ أَسِيرًا بِنَفْسِهِ فَإِنْ فَعَلَ بِلَا مُلْجِئٍ كَخَوْفِ شَرِّ الْأَسِيرِ كَانَ لِلْإِمَامِ أَنْ يُعَزِّرَهُ إِذَا وَقَعَ عَلَى خِلَافِ مَقْصُودِهِ وَلَكِنْ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا، وَإِنْ شَاءَ اسْتَرَقَّهُمْ لِأَنَّ فِيهِ دَفْعَ شَرِّهِمْ مَعَ وُفُورِ الْمَصْلَحَةِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُمْ ذِمَّةً أَحْرَارًا لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا فَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ذَلِكَ فِي أَهْلِ السَّوَادِ إِلَّا أُسَارَى مُشْرِكِي
الْعَرَبِ nindex.php?page=treesubj&link=26887_27778وَالْمُرْتَدِّينَ فَإِنَّهُمْ لَا تُقْبَلُ مِنْهُمْ جِزْيَةٌ وَلَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ بَلِ الْحُكْمُ فِيهِمْ إِمَّا الْإِسْلَامُ أَوِ السَّيْفُ، وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=25958_8393أَسْلَمَ الْأُسَارَى بَعْدَ الْأَسْرِ لَا يَقْتُلُهُمْ لِانْدِفَاعِ شَرِّهِمْ بِالْإِسْلَامِ، وَلَكِنْ يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُمْ فَإِنَّ الْإِسْلَامَ لَا يُنَافِي الرِّقَّ جَزَاءً عَلَى الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ وَقَدْ وُجِدَ بَعْدَ انْعِقَادِ سَبَبِ الْمِلْكِ وَهُوَ الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْحَرْبِيِّ غَيْرِ الْمُشْرِكِ مِنَ
الْعَرَبِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أَسْلَمُوا مِنْ قَبْلِ الْأَخْذِ فَإِنَّهُمْ يَكُونُونَ أَحْرَارًا لِأَنَّهُ إِسْلَامٌ قَبْلَ انْعِقَادِ سَبَبِ الْمِلْكِ فِيهِمْ، وَلَا يُفَادَى بِالْأُسَارَى فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَعُونَةِ الْكُفْرِ لِأَنَّهُ يَعُودُ الْأَسِيرُ الْكَافِرُ حَرْبًا عَلَيْنَا، وَدَفْعُ شَرِّ حَرَابَتِهِ خَيْرٌ مِنِ اسْتِنْقَاذِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ إِذَا بَقِيَ فِي أَيْدِيهِمْ كَانَ ابْتِلَاءً فِي حَقِّهِ فَقَطْ، وَالضَّرَرُ بِدَفْعِ أَسِيرِهِمْ إِلَيْهِمْ يَعُودُ عَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ.
وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْهُ أَنَّهُ يُفَادَى وَهُوَ قَوْلُ
مُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ وَالْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدَ إِلَّا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمُفَادَاةُ بِهِنَّ عِنْدَهُمْ، وَمَنَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ الْمُفَادَاةَ بِصِبْيَانِهِمْ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ السِّيَرِ الْكَبِيرِ، قِيلَ: وَهُوَ أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الْإِمَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَ
أَبُو يُوسُفَ: تَجُوزُ الْمُفَادَاةُ بِالْأُسَارَى قَبْلَ الْقِسْمَةِ لَا بَعْدَهَا، وَعِنْدَ
مُحَمَّدٍ تَجُوزُ بِكُلِّ حَالٍ.
وَوَجْهُ مَا ذَكَرَهُ الْأَئِمَّةُ مِنْ جَوَازِ الْمُفَادَاةِ أَنَّ تَخْلِيصَ الْمُسْلِمِ أَوْلَى مِنْ قَتْلِ الْكَافِرِ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ وَلِأَنَّ حُرْمَتَهُ عَظِيمَةٌ وَمَا ذُكِرَ مِنَ الضَّرَرِ الَّذِي يَعُودُ إِلَيْنَا بِدَفْعِهِ إِلَيْهِمْ يَدْفَعُهُ ظَاهِرًا الْمُسْلِمُ الَّذِي يَتَخَلَّصُ مِنْهُمْ لِأَنَّهُ ضَرَرُ شَخْصٍ وَاحِدٍ فَيَقُومُ بِدَفْعِهِ وَاحِدٌ مِثْلُهُ ظَاهِرًا فَيَتَكَافَئَانِ وَتَبْقَى فَضِيلَةُ تَخْلِيصِ الْمُسْلِمِ وَتَمْكِينِهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّ فِيهَا زِيَادَةَ تَرْجِيحٍ.
ثُمَّ إِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ nindex.php?page=showalam&ids=11998وَأَبُو دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16298وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ
عِمْرَانَ ابْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَى رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، وَيُحْتَجُّ
لِمُحَمَّدٍ بِمَا أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ
إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=660307عَنْ أَبِيهِ سَلَمَةَ قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَمَّرَهُ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَنْ قَالَ: فَلَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغَدِ فِي السُّوقِ فَقَالَ: يَا سَلَمَةَ هَبْ لِي الْمَرْأَةَ يَعْنِي الَّتِي نَفَلَهُ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ إِيَّاهَا. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ أَعْجَبَتْنِي وَمَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا، ثُمَّ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْغَدِ فِي السُّوقِ فَقَالَ: (يَا سَلَمَةَ هَبْ لِي الْمَرْأَةَ لِلَّهِ أَبُوكَ) فَقُلْتُ: هِيَ لَكَ يَا رَسُولِ اللَّهِ فَوَاللَّهِ مَا كَشَفْتُ لَهَا ثَوْبًا فَبَعَثَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفَدَى بِهَا نَاسًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أُسِرُوا بِمَكَّةَ.
وَلَا يُفَادَى بِالْأَسِيرِ إِذَا أَسْلَمَ وَهُوَ
[ ص: 41 ] بِأَيْدِينَا لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إِلَّا إِذَا طَابَتْ نَفْسُهُ وَهُوَ مَأْمُونٌ عَلَى إِسْلَامِهِ فَيَجُوزُ لِأَنَّهُ يُفِيدُ تَخْلِيصَ مُسْلِمٍ مِنْ غَيْرِ إِضْرَارٍ بِمُسْلِمٍ آخَرَ، وَأَمَّا الْمُفَادَاةُ بِمَالٍ فَلَا تَجُوزُ فِي الْمَشْهُورِ مِنْ مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ لِمَا بَيَّنَ فِي الْمُفَادَاةِ بِالْمُسْلِمِينَ مِنْ رَدِّهِمْ حَرْبًا عَلَيْنَا. وَفِي السَّيْرِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ إِذَا كَانَ بِالْمُسْلِمِينَ حَاجَةٌ. قِيلَ: اسْتِدْلَالًا بِأُسَارَى بَدْرٍ فَإِنَّهُ لَا شَكَّ فِي احْتِيَاجِ الْمُسْلِمِينَ بَلْ فِي شِدَّةِ حَاجَتِهِمْ إِذْ ذَاكَ فَلْيَكُنْ مَحْمَلُ الْمُفَادَاةِ الْكَائِنَةِ فِي بَدْرٍ بِالْمَالِ. وَأَمَّا الْمَنُّ عَلَى الْأُسَارَى وَهُوَ أَنْ يُطَلِّقَهُمْ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدَ ، وَأَجَازَهُ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنَّ عَلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَسْرَى بَدْرٍ مِنْهُمْ
أَبُو الْعَاصِ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ بِسَنَدِهِ،
وَأَبُو دُوَادَ مِنْ طَرِيقِهِ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=706003لَمَّا بَعَثَ أَهْلُ مَكَّةَ فِي فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ بَعَثَتْ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِدَاءِ أَبِي الْعَاصِ بِمَالٍ وَبَعَثَتْ فِيهِ بِقِلَادَةٍ كَانَتْ nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةُ أَدْخَلَتْهَا بِهَا عَلَى أَبِي الْعَاصِ حِينَ بِنَائِهِ عَلَيْهَا فَلَمَّا رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ رَقَّ لَهَا رِقَّةً شَدِيدَةً وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: (إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا وَتَرُدُّوا لَهَا الَّذِي لَهَا) فَفَعَلُوا ذَلِكَ مُغْتَبِطِينَ بِهِ، وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14070الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ وَزَادَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=66757 (وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَخَذَ عَلَيْهِ أَنْ يُخَلِّيَ nindex.php?page=showalam&ids=437زَيْنَبَ إِلَيْهِ فَفَعَلَ) وَمَنَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى ثُمَامَةَ بْنِ أَثَالِ ابْنِ النُّعْمَانِ الْحَنَفِيِّ سَيِّدِ أَهْلِ الْيَمَامَةِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَحَدِيثُهُ فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَيَكْفِي مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=652906 (لَوْ كَانَ الْمُطْعَمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى- يَعْنِي أُسَارَى بَدْرٍ- لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ) فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ بِأَنَّهُ يُطْلِقُهُمْ لَوْ سَأَلَهُ الْمُطْعَمُ، وَالْإِطْلَاقُ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ لَا يَثْبُتُ إِلَّا وَهُوَ جَائِزٌ شَرْعًا لِمَكَانِ الْعِصْمَةِ، وَكَوْنُهُ لَمْ يَقَعْ لِعَدَمِ وُقُوعِ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ لَا يَنْفِي جَوَازَهُ شَرْعًا.
وَاسْتُدِلَّ أَيْضًا بِالْآيَةِ الَّتِي نَحْنُ فِيهَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَيَّرَ فِيهَا بَيْنَ الْمَنِّ وَالْفِدَاءِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَنِّ الْإِطْلَاقُ مَجَّانًا وَكَوْنُ الْمُرَادِ الْمَنَّ عَلَيْهِمْ بِتَرْكِ الْقَتْلِ وَإِبْقَاءَهُمْ مُسْتَرِقِّينَ أَوْ تَخْلِيَتِهِمْ لِقَبُولِ الْجِزْيَةِ وَكَوْنُهُمْ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ خِلَافُ الظَّاهِرِ، وَبَعْضُ النُّفُوسِ يَجِدُ طُعْمَ الْآلَاءِ أَحْلَى مِنْ هَذَا الْمَنِّ. وَأَجَابَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ بِأَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوحَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ مِنْ سُورَةِ بَرَاءَةَ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي عَدَمَ جَوَازِ الْمَنِّ وَكَذَا عَدَمَ جَوَازِ الْفِدَاءِ وَهِيَ آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ فِي هَذَا الشَّأْنِ، وَزَعَمَ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنَ الْمَنِّ وَالْفِدَاءِ إِنَّمَا كَانَ فِي قَضِيَّةِ بَدْرٍ وَهِيَ سَابِقَةٌ عَلَيْهَا وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ بَدْرٍ فَهُوَ أَيْضًا قَبْلَ السُّورَةِ.
وَالْقَوْلُ بِالنَّسْخِ جَاءَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16815وَقَتَادَةَ nindex.php?page=showalam&ids=14676وَالضَّحَّاكِ nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٍ فِي رِوَايَاتٍ ذَكَرَهَا
الْجَلَالُ السُّيُوطِيُّ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ، وَقَالَ
الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْهَمَّامِ: قَدْ يُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ- يَعْنِي مَا فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ- فِي حَقِّ غَيْرِ الْأُسَارَى بِدَلِيلِ جَوَازِ الِاسْتِرْقَاقِ فِيهِمْ فَيُعْلَمُ أَنَّ الْقَتْلَ الْمَأْمُورَ بِهِ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي جَوَازِ الِاسْتِرْقَاقِ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ إِذْ لَا يَجُوزُ كَمَا عَلِمْتَ اسْتِرْقَاقَ مُشْرِكِي
الْعَرَبِ nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا أَيْ آلَاتِهَا وَأَثْقَالَهَا مِنَ السِّلَاحِ وَغَيْرِهِ، قَالَ
الْأَعْشَى: وَأَعْدَدْتُ لِلْحَرْبِ أَوْزَارَهَا رِمَاحًا طِوَالًا وَخَيْلًا ذُكُورًا
وَمِنْ نَسْجِ دَاوُدَ مَوْضُونَةٌ تُسَاقُ إِلَى الْحَرْبِ عِيرًا فَعِيرًا
وَهِيَ فِي الْأَصْلِ الْأَحْمَالُ فَاسْتُعِيرَتْ لِمَا ذُكِرَ اسْتِعَارَةٌ تَصْرِيحِيَّةٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي ( الْحَرْبُ ) اسْتِعَارَةٌ مَكْنِيَّةٌ بِأَنْ تُشَبَّهَ بِإِنْسَانٍ يَحْمِلُ حَمْلًا عَلَى رَأْسِهِ أَوْ ظَهْرِهِ وَيَثْبُتُ لَهَا مَا أُثْبِتَ تَخْيِيلًا، وَكَلَامُ الْكَشَّافِ أَمِيلُ
[ ص: 42 ] إِلَيْهِ، وَقِيلَ:
هِيَ أَحْمَالُ الْمُحَارِبِ أُضِيفَتْ لِلْحَرْبِ تَجَوُّزًا فِي النِّسْبَةِ الْإِضَافِيَّةِ وَتَغْلِيبًا لَهَا عَلَى الْكُرَاعِ، وَإِسْنَادُ الْوَضْعِ لِلْحَرْبِ مَجَازِيٌّ أَيْضًا وَلَيْسَ بِذَاكَ. وَعَدَّ بَعْضُ الْأَمَاثِلِ الْكَلَامَ تَمْثِيلًا، وَالْمُرَادُ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ وَقَالَ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِرَادَةُ ذَلِكَ مِنْ بَابِ الْمَجَازِ الْمُتَفَرِّعِ عَلَى الْكِنَايَةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّ بِهَا النَّوَى. فَإِنَّهُ كَنَّى بِهِ عَنِ انْقِضَاءِ السَّفَرِ وَالْإِقَامَةِ، قِيلَ: الْأَوْزَارُ جَمْعُ وِزٍ بِمَعْنَى إِثْمٍ وَهُوَ هُنَا الشِّرْكُ وَالْمَعَاصِي، وَ ( تَضَعُ ) بِمَعْنَى تَتْرُكُ مَجَازًا، وَإِسْنَادُهُ لِلْحَرْبِ مَجَازٌ أَوْ بِتَقْدِيرِ مُضَافٍ، وَالْمَعْنَى حَتَّى يَضَعَ أَهْلُ الْحَرْبِ شِرْكَهُمْ وَمَعَاصِيَهُمْ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يُسْتَحْسَنُ إِضَافَةُ الْأَوْزَارِ بِمَعْنَى الْآثَامِ إِلَى الْحَرْبِ، ( وَحَتَّى ) عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ الرَّحْمَةُ وَمَنْ قَالَ نَحْوَ قَوْلِهِ: غَايَةٌ لِلضَّرْبِ، وَالْمَعْنَى اضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ، وَلَيْسَ هَذَا بَدَلًا مِنَ الْأَوَّلِ وَلَا تَأْكِيدًا لَهُ بِنَاءً عَلَى مَا قَرَّرُوهُ مِنْ أَنَّ حَتَّى الدَّاخِلَةَ عَلَى إِذَا الشَّرْطِيَّةِ ابْتِدَائِيَّةٌ أَوْ غَايَةٌ لِلشَّدِّ أَوْ لِلْمَنِّ وَالْفِدَاءِ مَعًا أَوْ لِلْمَجْمُوعِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَضَرْبَ الرِّقَابِ إِلَخْ بِمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ جَارِيَةٌ فِيهِمْ حَتَّى لَا يَكُونَ حَرْبٌ مَعَ الْمُشْرِكِينَ بِزَوَالِ شَوْكَتِهِمْ، وَقِيلَ: بِنُزُولِ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ .
nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنِ ، وَفِي الْحَدِيثِ مَا يُؤَيِّدُهُ. أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ نُفَيْلٍ قَالَ: بَيْنَمَا أَنَا جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْخَيْلَ قَدْ سُيِّبَتْ وَوُضِعَ السِّلَاحُ وَزَعَمَ أَقْوَامٌ أَنْ لَا قِتَالَ وَأَنْ قَدْ وَضَعَتِ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (كَذَبُوا فَالْآنَ جَاءَ الْقِتَالُ وَلَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ يُزِيغُ اللَّهُ تَعَالَى قُلُوبَ قَوْمٍ لِيَرْزُقَهُمْ مِنْهُمْ وَتُقَاتِلُونَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ وَلَا تَزَالُ الْخَيْلُ مَعْقُودًا فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ وَلَا تَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا حَتَّى يَخْرُجَ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ).
وَهِيَ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ: لَا مَنَّ وَلَا فِدَاءَ الْيَوْمَ غَايَةً لِلْمَنِّ وَالْفِدَاءِ إِنْ حَمَلَ عَلَى الْحَرْبِ عَلَى حَرْبِ بَدْرٍ بِجَعْلِ تَعْرِيفِهِ لِلْعَهْدِ، وَالْمَعْنَى الْمَنُّ عَلَيْهِمْ وَيُفَادُونَ حَتَّى تَضَعَ حَرْبُ بَدْرٍ أَوْزَارَهَا، وَغَايَةً لِلضَّرْبِ وَالشَّدِّ إِنْ حُمِلَتْ عَلَى الْجِنْسِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُمْ يَقْتُلُونَ وَيُؤْسَرُونَ حَتَّى تَضَعَ جِنْسُ الْحَرْبِ أَوْزَارَهَا بِأَنْ لَا يَبْقَى لِلْمُشْرِكِينَ شَوْكَةٌ، وَلَا تُجْعَلُ غَايَةً لِلْمَنِّ وَالْفِدَاءِ مَعَ إِرَادَةِ الْجِنْسِ.
وَفِي زَعْمِ جَوَازِهِ وَالْتِزَامِ النَّسْخِ كَلَامٌ فَتَأَمَّلْ ( ذَلِكَ ) أَيِ الْأَمْرُ ذَلِكَ أَوِ افْعَلُوا ذَلِكَ فَهُوَ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَوْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ مَفْعُولٌ لِفِعْلِ كَذَلِكَ، وَالْإِشَارَةُ إِلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَضَرْبَ الرِّقَابِ إِلَخْ لَا إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَوَّلِ السُّورَةِ إِلَى هَاهُنَا لِأَنَّ افْعَلُوا لَا يَقَعُ عَلَى جَمِيعِ السَّالِفِ وَعَلَى الرَّفْعِ يَنْفَكُّ النَّظْمُ الْجَلِيلُ إِنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَيْهِ لِأَنَّ مَا بَعْدُ كَلَامٌ فِيهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ لَانْتَقَمَ مِنْهُمْ بِبَعْضِ أَسْبَابِ الْهَلَاكِ مِنْ خَسْفٍ أَوْ رَجْفَةٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ مَوْتٍ جَارِفٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ وَلَكِنْ أَمَرَكُمْ سُبْحَانَهُ بِالْقِتَالِ لِيَبْلُوَ الْمُؤْمِنِينَ بِالْكَافِرِينَ بِأَنْ يُجَاهِدُوهُمْ فَيَنَالُوا الثَّوَابَ وَيُخَلَّدُ فِي صُحُفِ الدَّهْرِ مَا لَهُمْ مِنَ الْفَضْلِ الْجَسِيمِ وَالْكَافِرِينَ بِالْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ يُعَاجِلَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ بِبَعْضِ انْتِقَامِهِ سُبْحَانَهُ فَيَتَّعِظُ بِهِ بَعْضٌ مِنْهُمْ وَيَكُونُ سَبَبًا لِإِسْلَامِهِ وَاللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْفِعْلِ الْمُقَدَّرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَيِ اسْتَشْهَدُوا.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ (قَاتَلُوا) أَيْ جَاهَدُوا،
وَالْجَحْدَرِيُّ بِخِلَافٍ عَنْهُ (قَتَلُوا) بِفَتْحِ الْقَافِ وَالتَّاءِ بِلَا أَلِفٍ،
وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ nindex.php?page=showalam&ids=14102وَالْحَسَنُ nindex.php?page=showalam&ids=12004وَأَبُو رَجَاءٍ nindex.php?page=showalam&ids=16747وَعِيسَى وَالْجَحْدَرِيُّ أَيْضًا (قُتِّلُوا) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَشَدِّ التَّاءِ.
[ ص: 43 ] nindex.php?page=tafseer&surano=47&ayano=4فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ فَلَنْ يُضَيِّعَهَا سُبْحَانَهُ، وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى وَجْهَهُ ( يُضَلَّ) مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ (أَعَمَالُهُمْ) بِالرَّفْعِ عَلَى النِّيَابَةِ عَنِ الْفَاعِلِ. وَقُرِئَ (يَضِلَّ) بِفَتْحِ الْيَاءِ مِنْ ضَلَّ (أَعْمَالُهُمْ) بِالرَّفْعِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ. وَالْآيَةُ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ : كَمَا أَخْرَجَهُ عَنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=11970وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ذُكِرَ لَنَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=653737أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي يَوْمِ أُحُدٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الشِّعْبِ وَقَدْ فَشَتْ فِيهِمُ الْجِرَاحَاتُ وَالْقَتْلُ وَقَدْ نَادَى الْمُشْرِكُونَ يَوْمَئِذٍ اعْلُ هُبَلُ وَنَادَى الْمُسْلِمُونَ اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ فَنَادَى الْمُشْرِكُونَ يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَإِنَّ الْحَرْبَ سِجَالٌ لَنَا عِزَّى وَلَا عِزَّى لَكُمْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اللَّهُ مَوْلَانَا وَلَا مَوْلَى لَكُمْ إِنَّ الْقَتْلَى مُخْتَلِفَةٌ أَمَّا قَتْلَانَا فَأَحْيَاءٌ مَرْزُوقُونَ وَأَمَّا قَتْلَاكُمْ فَفِي النَّارِ يُعَذَّبُونَ).
وَمِنْهُ يُعْلَمُ وَجْهُ قِرَاءَةِ (قُتِّلُوا) بِصِيغَةِ التَّفْعِيلِ