الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فصل يلزمه نفقة رقيقه عرفا ولو آبق وأمة ناشز ، قال جماعة : واختلف كلام أبي يعلى الصغير في مكاتب ، والكسوة والسكنى من غالب قوت البلد ، وكسوته مطلقا ، وتزويجهم بطلبهم إلا أمة يستمتع بها ، فإن أبى أجبر ، وتصدق في أنه لا يطأ . قال في الترغيب : على الأصح . وفي المستوعب : يلزمه تزويج المكاتبة بطلبها ولو وطئها وأبيح بالشرط ، ذكره ابن البنا ، وكأن وجهه لما فيه من اكتساب المهر فملكته كأنواع التكسب ، وظاهر كلامهم خلافه ، وهو أظهر ، لما فيه من إسقاط حق السيد وإلغاء الشرط ، ولا يكلفه مشقا ، نص عليه ، والمراد مشقة كثيرة ، ولا يجوز تكليف الأمة بالرعي ، لأن السفر مظنة الطمع ، لبعدها عمن يذب عنها .

                                                                                                          قال معاوية بن الحكم : كانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية بفتح الجيم وتشديد الواو وبعد الألف نون ثم ياء مشددة مكان بقرب أحد ، قال : فاطلعت ذات يوم فإذا الذئب قد [ ص: 603 ] ذهب بشاة من غنمها ، وأنا رجل من بني آدم ، آسف بفتح السين أي أغضب ، كما يأسفون ، ولكني صككتها صكة ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي . قلت : يا رسول ، أفلا أعتقها ؟ قال : { ائتني بها فأتيته بها فقال : أين الله ؟ قالت : في السماء ، قال : من أنا ؟ قالت : أنت رسول الله ، قال : أعتقها فإنها مؤمنة } رواه أحمد ومسلم وأبو داود . وإن خاف مفسدة لم يسترعها .

                                                                                                          وقد ذكر صاحب المحرر عن نقل أسماء ، النوى على رأسها للزبير نحو ثلثي فرسخ من المدينة أنه حجة في سفر المرأة السفر القصير بغير محرم ، ورعي جارية معاوية بن الحكم في معناه وأولى ، فيتوجه على هذا الخلاف ، وأما كلام شيخنا ومعناه لغيره فيجوز مثل هذا قولا واحدا ، لأنه ليس بسفر شرعا ولا عرفا ولا يتأهب له أهبته ، وظاهر ما سبق أنه لا يكلفه مشقا أنه لا يجوز للنهي .

                                                                                                          وقاله ابن هبيرة : وحكاه في شرح مسلم إجماعا . قال : فإن أعانه عليه فلا بأس ، لقوله صلى الله عليه وسلم : { فإن كلفتموهم فأعينوهم } .

                                                                                                          وقال : [ ص: 604 ] وفي هذا الحديث أنه يؤمر الشاق على رقيقه بالبيع ، لقول رسول الله عليه السلام " فليبعه " لكن هذا الأمر على طريق الوعظ لا الإجبار كذا [ قال ] : ويريحه وقت قائلة ونوم وصلاة ، ويداويه وجوبا ، قاله جماعة ، وظاهر كلام جماعة يستحب ، وهو أظهر .

                                                                                                          قال ابن شهاب في كفن الزوجة : العبد لا مال له ، فالسيد أحق بنفقته ومؤنته ، ولهذا النفقة المختصة بالمرض تلزمه من الدواء وأجرة الطبيب ، بخلاف الزوجة ، ويركبه في السفر عقبة ، وتلزمه إزالة ملكه بطلبه وامتناعه مما يلزمه فقط ، نص عليه كفرقة زوجة ، قاله في عيون المسائل وغيرها في أم ولد ، كما هو ظاهر كلامهم .

                                                                                                          قال شيخنا في مسلم بجيش ببلاد التتار أبى بيع عبده [ وعتقه ] ويأمره بترك المأمور وفعل المنهي : فهربه منه إلى بلد الإسلام واجب ، فإنه لا حرمة لهذا ، ولو كان في طاعة المسلمين .

                                                                                                          [ ص: 603 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 603 ] الثاني ) قوله ورعي جارية الحكم في معناه . صوابه : جارية ابن الحكم ، أو معاوية بن الحكم ، وقد تقدم حديثه قريبا فهذه ثلاث مسائل في هذا الباب .




                                                                                                          الخدمات العلمية