الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب النهي عن قتل من اعتصم بالسجود

                                                                      2645 حدثنا هناد بن السري حدثنا أبو معاوية عن إسمعيل عن قيس عن جرير بن عبد الله قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى خثعم فاعتصم ناس منهم بالسجود فأسرع فيهم القتل قال فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأمر لهم بنصف العقل وقال أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين قالوا يا رسول الله لم قال لا تراءى ناراهما قال أبو داود رواه هشيم ومعمر وخالد الواسطي وجماعة لم يذكروا جريرا [ ص: 245 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 245 ] ( إلى خثعم ) : قبيلة ( فأمر لهم بنصف العقل ) : أي بنصف الدية .

                                                                      قال في فتح الودود : لأنهم أعانوا على أنفسهم بمقامهم بين الكفرة ، فكانوا كمن هلك بفعل نفسه وفعل غيره فسقط حصة جنايته ( بين أظهر المشركين ) : أي بينهم ولفظ أظهر مقحم ( لا ترايا ناراهما ) : كذا كتب في بعض النسخ وفي بعضها لا تراءى .

                                                                      قال في النهاية : أي يلزم المسلم [ ص: 246 ] ويجب عليه أن يتباعد منزله عن منزل المشرك ولا ينزل بالموضع الذي إن أوقدت فيه ناره تلوح وتظهر للمشرك إذا أوقدها في منزله ، ولكنه ينزل مع المسلمين ، وهو حث على الهجرة .

                                                                      والترائي تفاعل من الرؤية ، يقال تراءى القوم إذا رأى بعضهم بعضا ، وتراءى الشيء ، أي ظهر حتى رأيته .

                                                                      وإسناد الترائي إلى النار مجاز من قولهم داري تنظر من دار فلان أي تقابلها .

                                                                      يقول ناراهما تختلفان هذه تدعو إلى الله وهذه تدعو إلى الشيطان فكيف يتفقان .

                                                                      والأصل في تراءى تتراءى فحذف إحدى التائين تخفيفا .

                                                                      وقال الخطابي : في معناه ثلاثة وجوه : قيل معناه لا يستوي حكمهما ، وقيل معناه أن الله فرق بين داري الإسلام والكفر فلا يجوز لمسلم أن يساكن الكفار في بلادهم حتى إذا أوقدوا نارا كان منهم بحيث يراها .

                                                                      وقيل : معناه لا يتسم المسلم بسمة المشرك ولا يتشبه به في هديه وشكله .

                                                                      كذا في مرقاة الصعود .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه الترمذي والنسائي .

                                                                      وذكر أبو داود أن جماعة رووه مرسلا .

                                                                      وأخرجه الترمذي أيضا مرسلا وقال وهذا أصح ، وذكر أن أكثر أصحاب إسماعيل يعني ابن أبي خالد لم يذكروا فيه جريرا أو ذكر عن البخاري أنه قال الصحيح مرسل ولم يخرجه النسائي إلا مرسلا والله أعلم .




                                                                      الخدمات العلمية