الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب فضل العتق

                                                                                                                1509 حدثنا محمد بن المثنى العنزي حدثنا يحيى بن سعيد عن عبد الله بن سعيد وهو ابن أبي هند حدثني إسمعيل بن أبي حكيم عن سعيد ابن مرجانة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرب منها إربا منه من النار [ ص: 117 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 117 ] قوله : ( داود بن رشيد ) بضم الراء .

                                                                                                                قوله صلى الله عليه وسلم : من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من أعضائه من النار حتى فرجه بفرجه وفي رواية من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل إرب منها إربا منه من النار الإرب بكسر الهمزة وإسكان الراء هو العضو بضم العين وكسرها .

                                                                                                                وفي هذا الحديث بيان فضل العتق وأنه من أفضل الأعمال ومما يحصل به العتق من النار ودخول الجنة .

                                                                                                                وفيه استحباب عتق كامل الأعضاء فلا يكون خصيا ولا فاقد غيره من الأعضاء وفي الخصي وغيره أيضا الفضل العظيم لكن الكامل أولى وأفضله أعلاه ثمنا وأنفسه كما سبق بيانه في أول الكتاب في كتاب الإيمان في حديث " أي الرقاب أفضل ؟ " . وقد روى أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم عن سالم بن أبي الجعد عن أبي أمامة وغيره من الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلما كان فكاكه من النار ، يجزي كل عضو منها عضوا منه ، وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار ، يجزي كل عضو منها عضوا منه ، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار ، يجزي كل عضو منها عضوا منها . قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح قال هو وغيره .

                                                                                                                وهذا الحديث دليل على أن عتق العبد أفضل من عتق الأمة ، قال القاضي عياض : واختلف العلماء أيما أفضل ، عتق الإناث أم الذكور ؟ فقال بعضهم : الإناث أفضل لأنها إذا عتقت كان ولدها حرا سواء تزوجها حر أو عبد . وقال آخرون : عتق الذكور أفضل لهذا الحديث ولما في الذكر من المعاني العامة المنفعة التي لا توجد في الإناث من الشهادة والقضاء والجهاد وغير ذلك مما يختص بالرجال إما شرعا وإما عادة ، ولأن من الإماء من لا ترغب في العتق وتضيع به بخلاف العبيد . وهذا القول هو الصحيح .

                                                                                                                وأما التقييد في الرقبة بكونها مؤمنة فيدل على أن هذا الفضل الخاص إنما هو في عتق المؤمنة . وأما غير المؤمنة ففيه أيضا فضل بلا خلاف ولكن دون فضل المؤمنة ، ولهذا أجمعوا على أنه يشترط في عتق كفارة القتل كونها مؤمنة ، وحكى القاضي عياض عن مالك : أن الأعلى ثمنا أفضل وإن كان كافرا . وخالفه غير واحد من أصحابه وغيرهم . قال : وهذا أصح .




                                                                                                                الخدمات العلمية