الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب في حمل السلاح إلى أرض العدو

                                                                      2786 حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس أخبرني أبي عن أبي إسحق عن ذي الجوشن رجل من الضباب قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن فرغ من أهل بدر بابن فرس لي يقال لها القرحاء فقلت يا محمد إني قد جئتك بابن القرحاء لتتخذه قال لا حاجة لي فيه وإن شئت أن أقيضك به المختارة من دروع بدر فعلت قلت ما كنت أقيضه اليوم بغرة قال فلا حاجة لي فيه [ ص: 374 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 374 ] 181 - باب في حمل السلاح

                                                                      وآلات الحرب ( إلى أرض العدو ) : أعم من أن يكون يحمل السلاح مسلم إلى أرض العدو أو يعطيه مسلم كافرا ليذهب به إلى دار الحرب ، فهل يجوز ذلك ؟ فدل الحديث على جواز الصورة الثانية صريحا وعلى الصورة الأولى استنباطا .

                                                                      ( يونس ) : هو ابن أبي إسحاق .

                                                                      ولفظ أبي بكر بن أبي شيبة أخبرنا عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي عن أبيه عن جده عن ذي الجوشن الضبابي ( رجل من الضباب ) : بدل من ذي الجوشن .

                                                                      والضباب بكسر الضاد هو ابن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة العامري الكلابي ثم الضبابي ، وإنما قيل له ذو الجوشن لأن صدره كان نائيا .

                                                                      ويقال إنه لقب ذا الجوشن لأنه دخل على كسرى فأعطاه جوشنا فلبسه فكان أول عربي لبسه هو والد شمر بن ذي الجوشن ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ) : أي قبل أن يسلم ( يقال لها ) : أي للفرس ، والفرس يذكر ويؤنث ( القرحاء ) : بفتح القاف وسكون الراء هذا لقب لفرسه ( لتتخذه ) : أي ابن الفرس عني مجانا وتجعله لنفسك وتستعمله ( قال ) : النبي صلى الله عليه وسلم ( لا حاجة لي فيه ) : أي في ابن الفرس ، وكأنه صلى الله عليه وسلم أراد أن لا يستعين بأهل الشرك ولا يأخذ عنه مجانا ( أن أقيضك به ) : أي بابن الفرس .

                                                                      قال ابن الأثير : أي أبدلك به وأعوضك عنه ، وقد قاضه يقيضه وقايضه مقايضة في البيع إذا أعطاه سلعة وأخذ عوضها سلعة انتهى .

                                                                      وقال الخطابي : معناه أبدلك به وأعوضك منه ، والمقايضة في البيوع المعاوضة أن يعطى متاعا ويأخذ آخر لا نقد فيه انتهى ( المختارة ) : أي الدرع المختارة والمنتقاة والنفيسة .

                                                                      قال في المصباح : درع الحديد مؤنثة في الأكثر ( من دروع بدر ) : الدرع ثوب ينسج من درع الحديد يلبس في الحرب وقاية من سلاح العدو ، وجمعها أدرع ودراع ودروع ومصغرها دريع بلا تاء ( فعلت ) : هذا هو محل ترجمة الباب أي أقبل وآخذ منك ابن الفرس عوضا للدرع مني ، [ ص: 375 ] ولكن ما رضي به ذو الجوشن وأجاب بقوله ( ما كنت أقيضه ) : أي أبدل ابن الفرس ( بغرة ) : بضم الغين المعجمة وتشديد الراء أي بفرس فكيف أبدل بالشيء الآخر هو دون الفرس أي الدرع .

                                                                      قال الخطابي رحمه الله : فيه أن يسمى الفرس غرة وأكثر ما جاء ذكر الغرة في الحديث إنما يراد بها التسمية من أولاد آدم عبدا أو أمة انتهى .

                                                                      وفي النهاية : سمي الفرس في هذا الحديث غرة وأكثر ما يطلق على العبد والأمة ويجوز أن يكون أراد بالغرة النفيس من كل شيء فيكون التقدير ما كنت لأقيضه بالشيء النفيس المرغوب فيه انتهى .

                                                                      قلت : هذا المعنى حسن جدا ( قال ) : أي النبي صلى الله عليه وسلم ( فلا حاجة لي فيه ) : أي في ابن الفرس مجانا بغير عوض .

                                                                      وزاد في أسد الغابة من رواية ابن أبي شيبة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ذا الجوشن ألا تسلم فتكون من أول هذه الأمة ؟ قال : قلت : لا ، قال : ولم ؟ قال : قلت : لأني قد رأيت قومك قد ولعوا بك ، قال : وكيف وقد بلغك مصارعهم ؟ قال : قلت : بلغني ، قال : فأنى يهدى بك ؟ قلت : أن تغلب على الكعبة وتقطنها ، قال : لعل إن عشت أن ترى ذلك .

                                                                      ثم قال يا بلال خذ حقيبة الرجل فزوده من العجوة ، فلما أدبرت قال : إنه من خير فرسان بني عامر
                                                                      .

                                                                      قال : فوالله إني بأهلي بالعودة إذا أقبل راكب فقلت من أين ؟ قال من مكة ، فقلت ما الخبر ؟ قال غلب عليها محمد وقطنها .

                                                                      قال : قلت : هبلتني أمي لو أسلمت يومئذ . قال ابن الأثير : قيل : إن أبا إسحاق لم يسمع منه وإنما سمع حديثه من ابنه شمر بن ذي الجوشن عنه انتهى .

                                                                      قال المنذري : ذو الجوشن اسمه أوس ، وقيل شرحبيل ، وقيل عثمان ، وسمي ذا الجوشن من أجل أن صدره كان ناتئا ، وقيل إن أبا إسحاق لم يسمع منه وإنما سمع من ابنه شمر .

                                                                      وقال أبو القاسم البغوي : ولا أعلم لذي الجوشن غير هذا الحديث ويقال إن أبا إسحاق سمعه من شمر بن ذي الجوشن عن أبيه والله أعلم .

                                                                      هذا آخر كلامه .

                                                                      والحديث لا يثبت ، فإنه دائر بين الانقطاع أو رواية من لا يعتمد على روايته والله أعلم انتهى كلامه .

                                                                      كذا في الشرح .




                                                                      الخدمات العلمية