الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    صفحة جزء
                    [ ص: 385 ] سياق ما روي في تكفير من قال : لفظي بالقرآن مخلوق .

                    روي ذلك عن الأئمة : عن محمد بن إدريس الشافعي ، وأبي مصعب أحمد بن أبي بكر [ ص: 386 ] الزهري ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي عبيد ، وأبي ثور ، وسويد بن سعيد ، وأبي همام الوليد بن شجاع ، ومحمد بن يحيى بن أبي عمر العدني ، وهارون بن موسى الفروي ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي ، والحسن بن الصباح البزار ، وهارون بن عبد الله الحمال ، وعبد الوهاب بن الحكم الوراق ، ومحمد بن منصور الطوسي ، وإسحاق بن إبراهيم البغوي ، وأبي نشيط محمد بن هارون ، وعباس بن أبي طالب ، ومحمد بن عبد الله بن أبي الثلج ، وسليمان بن توبة النهرواني ، وأبي الوليد الجارودي ، ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقري ، وأبي يونس محمد بن أحمد بن يزيد الجمحي ، [ ص: 387 ] والحسن بن إبراهيم البياضي ، ومحمد بن إسحاق بن يزيد أبي عبد الله الصيني .

                    * ومن أهل البصرة : محمد بن بشار ، وعمرو بن علي ، ومحمد بن المثنى ، ومحمد بن يحيى بن أبي حزم القطعي ، والعباس بن عبد العظيم العنبري ، وأحمد بن سنان الواسطي ، ومحمد بن عبادة بن البختري .

                    * ومن أهل الكوفة : أبو سعيد الأشج ، وهارون بن إسحاق الهمداني .

                    * ومن أهل مصر والعواصم والثغور : أحمد بن صالح المصري ، والمؤمل بن إهاب الربعي المكي نزيل مصر ، ومحمد بن سليمان بن حبيب الأسدي المعروف بلوين ، وإبراهيم بن سعيد الجوهري نزيل ثغر ، وميمون بن الأصبغ النصيبي ، وسعيد بن رحمة بن نعيم المصيصي ، وأحمد بن حرب الموصلي ، ومحمد بن داود المصيصي ، وعبد الرحمن بن سفيان الملطي ، وإسحاق بن زريق الرسعيني ، ومحمد بن أيوب الأصبهاني نزيل طرسوس ، [ ص: 388 ] وزرقان بن محمد البغدادي ، ويعقوب بن إبراهيم الخشاب ، وعلي بن موسى القزويني نزيل طرسوس ، وأحمد بن شريك الشجري ، ونصر بن منصور المصيصي ، وعبد العزيز بن أحمد بن شبويه .

                    585 - أنهم قالوا : من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو بمنزلة من قال : القرآن مخلوق . وقالوا : هذه مقالتنا وديننا الذي ندين الله به .

                    586 - وعن الحسن بن السكن أبي منصور الباري أنه سئل عن من قال : ألفاظهم بالقرآن غير القرآن ، قال : هم تاركوا السنة ، لا تجالسوهم ، ولا تبايعوهم ، ولا تناكحوهم .

                    587 - وعن عثمان بن خرزاذ قال : من قال : لفظي بالقرآن مخلوق فقد أعظم الفرية على الله .

                    * ومن أهل خراسان : عن محمد بن أسلم الطوسي : إن من قال : إن القرآن يكون مخلوقا بالألفاظ ، فقد زعم أن القرآن مخلوق .

                    589 - وعن محمد بن يحيى الذهلي مثله ، وقال : هو مبتدع . وأمر بمباينته ومجانبته . وعن علي بن خشرم المروزي : من قال : القرآن بلفظي أو لفظي بالقرآن أو القرآن بقراءتي أو قراءتي للقرآن قدم أو أخر فهو واحد .

                    [ ص: 389 ] وقال : ما أحسن هذا الكلام ، ليس بينهما فرق . فجعل يتعجب ممن يفرق بينهما ويقول : من قال من اللفظية كلامه فإنه يخرج إلى كلام الروحانية . صنف من الزنادقة .

                    591 - وعن أحمد بن سعيد الدارمي : من زعم أن لفظه بالقرآن مخلوق فهو كافر .

                    592 - وعن عبد الله بن أحمد بن شبويه ، وأحمد بن الصباح المعروف بابن أبي سريج أنهم قالوا : جهمية كفار .

                    593 - وأحمد بن سعيد السعي مثله .

                    594 - وقال عبد الرحمن : كتب إلي حرب بن إسماعيل الكرماني الحنظلي : إن الحق والصواب الواضح المستقيم الذي أدركنا عليه أهل العلم أن من زعم أن ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا مخلوقة ، فهو جهمي مبتدع خبيث .

                    595 - وعن أبي مسعود أحمد بن الفرات أنه قال : من قال : لفظي بالقرآن مخلوق ، فهو جهمي .

                    596 - وعن أبي زرعة وأبي حاتم مثله ، إلا أن أبا زرعة قال : [ ص: 390 ] لفظي بالقرآن أو القرآن بلفظي .

                    597 - وقال عبد الرحمن : سئل أبو زرعة عن أفعال العباد ، فقال : مخلوقة .

                    فقيل له : لفظنا بالقرآن من أفعالنا .

                    قال : لا يقال هذا .

                    وعن محمد بن إسماعيل البخاري : من زعم أني قلت : لفظي بالقرآن فهو كذاب . وتجيء هذه الحكاية بطولها في آخر هذا الباب إن شاء الله .

                    598 - وعن أحمد بن عبد الله الشعراني : من قال : لفظه بالقرآن مخلوق ، فقد قال : القرآن مخلوق .

                    وعن محمد بن جرير مثل قول أحمد واحتج به ، فرجع كلام هؤلاء الأئمة - رضي الله عنهم - في أن القرآن مسموع من الله على الحقيقة ، وحين يقرؤه القارئ فلا يكون من لفظ القارئ القرآن ككلام الآدميين حين يلفظ به فيكون مخلوقا ، وكلام الله لا يشبه كلامهم ؛ لأنه غير مخلوق ، فكذلك يخالفه في القراءة . وهذا معنى ما أشار إليه أبو عبيد رحمه الله .

                    * قول محمد بن إدريس الشافعي .

                    599 - أخبرنا الحسين بن أحمد بن إبراهيم الطبري قال : سمعت [ ص: 391 ] أحمد بن يوسف الشالنجي يقول : سمعت أبا عبد الله الحسين بن علي القطان يقول : سمعت علي بن الحسين بن الجنيد يقول : سمعت الربيع يقول : سمعت الشافعي يقول : من قال : لفظي بالقرآن أو القرآن بلفظي مخلوق ، فهو جهمي .

                    وكذلك حكي هذا اللفظ عن أبي زرعة ، وعلي بن خشرم .

                    * قول أحمد بن حنبل .

                    455 أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الخضر المقري ، وأحمد بن محمد بن أبي مسلم قالا : حدثنا أحمد بن الحسن قال : ثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السلمي قال : سألت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل عمن يقول : القرآن مخلوق ، فقال : القرآن من علم الله ، وعلم الله غير مخلوق ، فمن قال : مخلوق ، فهو كافر ، فالواقف الذي يبصر الكلام ويعرف هو جهمي ، والذي لا يبصر ولا يعرف يبصر .

                    601 - قال أبو إسماعيل عمن قال : لفظي بالقرآن مخلوق ولم يكن حدث يومئذ لفظي بالقرآن ، فقال : اللفظية جهمية جهمية ، قال الله تعالى : [ حتى يسمع كلام الله ] ممن يسمع ؟ .

                    [ ص: 392 ] قال أبو إسماعيل : وقيل له : بهذا تقول ؟ قال : نعم .

                    602 - أخبرنا عبيد الله بن محمد بن أحمد قال : ثنا أحمد بن كامل قال : ثنا محمد بن جرير الطبري قال : وأما القول في ألفاظ العباد بالقرآن فلا أثر فيه نعلمه عن صحابي مضى ، ولا عن تابعي قفا ، إلا عن من في قوله الشفا والغناء ، وفي اتباعه الرشد والهدى ، ومن يقوم لدينا مقام الأئمة الأولى : أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل ، فإن أبا إسماعيل الترمذي حدثني قال : سمعت أبا عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل يقول : اللفظية جهمية ، قال الله تعالى : حتى يسمع كلام الله ممن يسمع ؟ قال ابن جرير : وسمعت جماعة من أصحابنا لا أحفظ أسماءهم يحكون عنه أنه كان يقول : من قال : لفظي بالقرآن مخلوق ، فهو جهمي ، ومن قال : غير مخلوق ، فهو مبتدع . قال ابن جرير : ولا قول عندنا في ذلك يجوز أن نقوله غير قوله ؛ إذ لم يكن لنا إمام نأتم به سواه ، وفيه الكفاية والمقنع ، وهو الإمام المتبع .

                    * قول أبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي .

                    603 - وجدت على ظهر بعض مصنفات أبي ثور قال : ثنا جعفر [ ص: 393 ] قال : سئل أبو ثور عن ألفاظ القرآن ، فقال : هذا مما يسعك جهله ، والله لا يسألك عز وجل عن هذا ، فلا تتكلموا فيه ، فإن من زعم أن كلامه بالقرآن مخلوق فقد وافق اللفظيين ؛ لأنه إذا سمع منك القرآن فقد زعمت أن لفظك بالقرآن مخلوق ، فقد أجبت القوم أنه مخلوق .

                    * قول إسحاق بن راهويه .

                    604 - ذكره عبد الرحمن بن أبي حاتم قال : أخبرنا حرب بن إسماعيل الكرماني فيما كتب إلي قال : سمعت إسحاق بن راهويه ، وسئل عن الرجل يقول : القرآن ليس مخلوقا ولكن قراءتي أنا إياه مخلوقة لأني أحكيه ، وكلامنا مخلوق ، فقال إسحاق : " هذا بدعة ، لا يقار على هذا حتى يرجع عن هذا ويدع قوله هذا " .

                    605 - وسئل إسحاق مرة أخرى عن اللفظية ، فقال : هي مبتدعة .

                    606 - قال عبد الرحمن : قال أبو علي القوهستاني : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : إن لفلان يعني داود الأصفهاني في القرآن قولا ثالثا ، قول سوء فلم يزل يسأل إسحاق ما هو ؟ قال : أظهر اللفظ . يعني قال : لفظي بالقرآن مخلوق .

                    [ ص: 394 ] * قول أبي عبيد القاسم بن سلام : 607 - ذكره عبد الرحمن بن أبي حاتم قال : ثنا عبد الله بن محمد بن إبرهيم السلمي بالكوفة قال : قال أبو عبيد القاسم بن سلام : لو أن رجلا حلف فقال : والله لا تكلمت اليوم بشيء ، فقرأ القرآن في غير صلاة أو في صلاة لم يحنث ؛ لأن أيمان الناس إنما هي لمعاملة بعضهم بعضا ، وإن القرآن كلام الله ليس بداخل في شيء من كلام الناس ولا يختلط به ، ولو كان يشبهه في شيء من الحالات لكان القرآن إذا يقطع الصلاة ؛ لأن كل متكلم في صلاته بالتعمد لذلك قاطع لها ، إلا أن يكون الحالف نوى القرآن واعتمده في يمينه فيلزمه حينئذ نيته واعتقاده .

                    608 - أخبرنا عبيد الله بن أحمد ، أخبرنا أحمد بن كامل إجازة قال : ثنا محمد بن الحسين المؤدب قال : سمعت أحمد بن سهل التميمي يقول : سمعت أبا عبيد يقول : القرآن برمته غير مخلوق . قال القاضي : برمته كيف اشتملت عليه أوصافه .

                    * قول أبي مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري : 609 - ذكره عبد الرحمن بن أبي حاتم قال : ثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن الفضل الأسدي الصيداوي قال : أتى قوم أبا مصعب الزهري المديني فقالوا : إن قبلنا ببغداد رجلا يقول : لفظه بالقرآن مخلوق . فقال : يا أهل العراق ، ما يأتينا منكم هناه ، ما ينبغي أن نتلقى وجوهكم إلا بالسيوف ، هذا كلام نبطي خبيث .

                    [ ص: 395 ] * قول محمد بن إسماعيل البخاري .

                    610 - أخبرنا أحمد بن محمد بن حفص قال : ثنا محمد بن أحمد بن سلمة قال : ثنا أبو نصر أحمد بن سهل بن حمدويه قال : ثنا أبو العباس الفضل بن بسام قال : سمعت إبراهيم بن محمد يقول : أنا توليت دفن محمد بن إسماعيل البخاري لما مات بخرتنك ، فأردت حمله إلى سمرقند أن أدفنه بها ، فلم يتركني صاحب لنا من أهل شكخشكت فدفناه بها ، فلما أن فرغنا ورجعت إلى المنزل الذي كنت فيه قال لي صاحب القصر : سألته أمس فقلت : يا أبا عبد الله ما تقول في القرآن ؟ فقال : القرآن كلام الله غير مخلوق .

                    فقلت له : إن الناس يزعمون أنك تقول ليس في المصحف قرآن ولا في صدور الناس .

                    فقال : أستغفر الله أن تشهد علي بما لم تسمعه مني ، إني أقول كما قال الله : والطور وكتاب مسطور .

                    [ ص: 396 ] أقول : في المصاحف قرآن ، وفي صدور الرجال قرآن ، فمن قال غير ذلك هذا يستتاب ، فإن تاب وإلا سبيله سبيل الكفر .

                    611 - وأخبرنا أحمد بن محمد بن حفص قال : ثنا محمد بن أحمد بن سلمة قال : ثنا أبو صالح خلف بن محمد بن إسماعيل قال : سمعت أبا عمرو أحمد بن نصر بن إبراهيم النيسابوري المعروف بالخفاف ببخارى يقول : كنا يوما عند أبي إسحاق القرشي ومعنا محمد بن نصر المروزي ، فجرى ذكر محمد بن إسماعيل ، فقال محمد بن نصر : سمعته يقول : من زعم أني قلت : لفظي بالقرآن مخلوق ، فهو كذاب ، فإنى لم أقله .

                    فقلت له : يا أبا عبد الله فقد خاض الناس في هذا وأكثروا فيه . فقال : ليس إلا ما أقول وأحكي لك عنه .

                    قال أبو عمرو الخفاف : فأتيت محمد بن إسماعيل فناظرته في شيء من الحديث حتى طابت نفسه فقلت له : يا أبا عبد الله هاهنا رجل يحكي عنك أنك قلت هذه المقالة .

                    قال لي : يا أبا عمرو احفظ ما أقول : من زعم من أهل نيسابور وقومس والري وهمذان وحلوان وبغداد والكوفة والمدينة ومكة والبصرة أني قلت : لفظي بالقرآن مخلوق ، فهو كذاب ، فإنى لم أقل هذه [ ص: 397 ] المقالة ، إلا أني قلت : أفعال العباد مخلوقة .

                    612 - أخبرنا عبيد الله بن محمد بن أحمد قال : أخبرنا أحمد بن كامل قال : ثنا أبو جعفر محمد بن جرير قال : فأول ما نبدأ بالقول فيه من ذلك كلام الله عز وجل وتنزيله ؛ إذ كان من معاني توحيده ، والصواب من القول في ذلك عندنا أنه كلام الله غير مخلوق ، وكيف كتب ، وكيف تلي ، وفي أي موضع قرئ ، في السماء وجد ، أو في الأرض حفظ ، في اللوح المحفوظ كان مكتوبا ، أو في ألواح صبيان الكتاتيب مرسوما ، في حجر نقش ، أو في رق خط ، في القلب حفظ ، أو باللسان لفظ ، فمن قال غير ذلك أو ادعى أن قرآنا في الأرض أو في السماء غير الذي نتلوه بألسنتنا ولكنه في مصاحفنا ، أو اعتقد ذلك بقلبه ، أو أضمره في نفسه ، أو قال بلسانه داينا به ، فهو بالله كافر ، حلال الدم ، وبريء من الله ، والله بريء منه ، يقول الله عز وجل : بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ . وقال وقوله الحق : وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله .

                    فأخبر الله جل ثناؤه أنه في اللوح المحفوظ ، وأنه من لسان محمد - صلى الله عليه وسلم - مسموع ، وهو قرآن واحد ، من محمد - صلى الله عليه وسلم - مسموع ، وفي اللوح المحفوظ مكتوب ، وكذلك هو في الصدور محفوظ ، وبألسن الشيوخ والشبان متلو ، فمن روى علينا أو حكى عنا أو تقول علينا أو ادعى أنا قلنا غير ذلك فعليه لعنة الله وغضبه ، ولعنة اللاعنين والملائكة والناس أجمعين ، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ، وهتك ستره ، وفضحه على رءوس الأشهاد ، يوم لا تنفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار .

                    [ ص: 398 ] 613 - وأخبرنا عبيد الله قال : أخبرنا أحمد بن كامل قال : حدثني أبو عبد الله الوارق جوازا قال : كنت أورق على داود الأصبهاني فكنت عنده يوما في دهليزه مع جماعة من الغرباء ، فسئل عن القرآن فقال : القرآن الذي قاله الله : لا يمسه إلا المطهرون وقال : في كتاب مكنون غير مخلوق . وأما ما بين أظهرنا يمسه الجنب والحائض فهو مخلوق . قال القاضي أحمد بن كامل : وهذا مذهب الناشئ ، وهو كفر بالله العظيم ، صح الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه " نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو " . فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كتب في الصحف والمصاحف قرآنا ، فالقرآن على أي وجه تلي وقرئ فهو واحد ، وهو غير مخلوق .

                    614 - أخبرنا عبيد الله بن أحمد قال : وجدت في كتاب عبيد الله النحوي قال : حدثني أبو بكر محمد بن علوان المقري قال : ثنا وكيع يعني محمد بن خلف قال : ثنا أبو حمدون المقري قال : لما هاج الناس في اللفظ بالقرآن مخلوق ، وأمر حسين الكرابيسي [ ص: 399 ] في ذلك ، كنت أقرأ بالكرخ ، فأتاني رجل فجعل يناظرني ويقول : أنا أريد لفظي مخلوق ، والقرآن غير مخلوق .

                    قال : فشككني ، فدعوت الله عز وجل الفرج ، فلما كان الليل نمت فرأيت كأني في صحراء واسعة فيها سرير عليه نضد فوقه شيخ ما رأيت أحسن وجها منه ولا أنقى ثوبا منه ولا أطيب رائحة ، وإذا الناس قيام عن يمينه وعن يساره ، إذ جيء بالرجل الذي كان يناظرني فأوقف بين يديه وجيء بصورة في سوسنجرد ، فقيل : هذه صورة ماني الذي أضل الناس ، فوضعت على قفا الرجل ، فقال الشيخ : اضربوا وجه ماني ليس نريدك .

                    قال : فنح عن قفاي واضرب به كيف شئت . فقال : وأنت فنح لفظك عن القرآن وقل في لفظك ما شئت . قال : فانتبهت وقد سرى عني .

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية