الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                [ ص: 374 ] ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون

                                                                                                                                                                                                فرادى : منفردين عن أموالكم ، وأولادكم ، وما حرصتم عليه ، وآثرتموه من دنياكم ، وعن أوثانكم التي زعمتم أنها شفعاؤكم ، وشركاء لله كما خلقناكم أول مرة : على الهيئة التي ولدتم عليها في الانفراد وتركتم ما خولناكم : ما تفضلنا به عليكم في الدنيا ، فشغلتم به عن الآخرة وراء ظهوركم : لم ينفعكم ، ولم تحتملوا منه نقيرا ، ولا قدمتموه لأنفسكم فيكم شركاء : في استبعادكم ; لأنهم حين دعوهم آلهة وعبدوها ، فقد جعلوها لله شركاء فيهم ، وفي استعبادهم .

                                                                                                                                                                                                وقرئ : " فرادى " بالتنوين ، و “ فراد" ، مثل : ثلاث ، و “ فردى" ، نحو : " سكرى" .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : كما خلقناكم ، في أي محل هو؟

                                                                                                                                                                                                قلت : في محل النصب صفة لمصدر جئتمونا ، أي : مجيئنا مثل خلقنا لكم تقطع بينكم : وقع التقطع بينكم ، كما تقول : جمع بين الشيئين ، تريد أوقع الجمع بينهما على إسناد الفعل إلى مصدره بهذا التأويل : ومن رفع فقد أسند الفعل إلى الظرف ، كما تقول : قوتل خلفكم وأمامكم ، وفي قراءة عبد الله : " لقد تقطع ما بينكم" .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية