الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ورفعا لما عسى أن يتوهم من الجواب من استقلالهم في وقوع الحادثة رجع إلى خطابهم برفع الواسطة وجواب سؤالهم بأبسط عبارة فقال سبحانه : وما أصابكم أيها المؤمنون من النكبة بقتل من قتل منكم يوم التقى الجمعان أي جمعكم وجمع أعدائكم المشركين ، والمراد بذلك اليوم يوم أحد ، وقول بعضهم - لا يبعد أن يراد به يوم أحد ، ويوم بدر - بعيد جدا فبإذن الله أي بإرادته ، وقيل : بتخليته ، و (ما) اسم موصول بمعنى الذي في محل رفع بالابتداء ، وجملة (أصابكم) صلته ، وبإذن الله : خبره .

                                                                                                                                                                                                                                      والمراد بإذن الله يكون ويحصل ، ودخول الفاء لتضمن معنى الشرط ، ووجه السببية ليس بظاهر إذ الإصابة ليست سببا للإرادة ولا للتخلية ، بل الأمر بالعكس فهو من قبيل وما بكم من نعمة فمن الله أي ذلك سبب للإخبار بكونه من الله ؛ لأن قيد الأوامر قد يكون للمطلوب وقد يكون للطالب ، وكذا الإخبار ، وإلى هذا ذهب كثير من المحققين ، وادعى السمين أن في الكلام إضمارا أي فهو بإذن الله ، ودخول الفاء لما تقدم ، ثم قال : وهذا مشكل على ما قرره الجمهور لأنه لا يجوز عندهم دخول هذه الفاء زائدة في الخبر إلا بشروط ، منها أن تكون الصلة مستقبلة في المعنى ، وذلك لأن الفاء إنما دخلت للشبه بالشرط ، والشرط إنما يكون في الاستقبال لا في الماضي ، فلو قلت : الذي أتاني أمس فله درهم لم يصح ، و (أصابكم) هنا ماض معنى كما أنه ماض لفظا ؛ لأن القصة ماضية فكيف جاز دخول هذه الفاء ؟ وأجابوا عنه بأنه يحمل على التبين أي وما يتبين إصابته إياكم فهو بإذن الله كما تأولوا وإن كان قميصه قد من دبر بذلك ، ثم قال : وإذا صح هذا التأويل فليجعل (ما) هنا شرطا صريحا ، وتكون الفاء داخلة وجوبا لكونها واقعة جوابا للشرط انتهى ، ولا يخفى ما فيه .

                                                                                                                                                                                                                                      وليعلم المؤمنين (166) عطف على بإذن الله ، من عطف السبب على المسبب ، والمراد ليظهر للناس ويثبت لديهم إيمان المؤمن .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية