الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست ولنبينه لقوم يعلمون

                                                                                                                                                                                                وليقولوا : جوابه محذوف تقديره وليقولوا "درست" تصرفها ، ومعنى : " درست " : قرأت وتعلمت .

                                                                                                                                                                                                وقرئ : " دارست " ، أي : "دارست العلماء" ، و “ درست" بمعنى : قدمت هذه الآيات وعفت ، كما قالوا : "أساطير الأولين" ، و “ درست" بضم الراء ، مبالغة في "درست" ، أي : اشتد دروسها ، و “ درست" - على البناء للمفعول - بمعنى : قرئت ، أو عفيت ، ودارست ، وفسروها : بدارست اليهود محمدا - صلى الله عليه وسلم - وجاز الإضمار ; لأن الشهرة بالدراسة كانت لليهود عندهم ، ويجوز أن يكون الفعل للآيات ، وهو لأهلها ، أي : دارس أهل الآيات ، وحملتها محمدا ، وهم أهل الكتاب ، و “ درس" ; أي : درس محمد ، "ودارسات" ، على : هي دارسات ، أي : قديمات ، أو ذات دروس ، كعيشة راضية .

                                                                                                                                                                                                فإن قلت : أي فرق بين اللامين في " ليقولوا " ، " ولنبينه "؟

                                                                                                                                                                                                قلت : الفرق بينهما : أن الأول مجاز ، والثانية حقيقة ; وذلك أن الآيات صرفت للتبيين ، ولم تصرف ليقولوا : دارست ; ولكن لأنه حصل هذا القول بتصريف الآيات ; كما حصل التبيين ، شبه به فسيق مساقه ، وقيل : ليقولوا كما قيل لنبينه .

                                                                                                                                                                                                [ ص: 385 ] فإن قلت : إلام يرجع الضمير في قوله : "ولنبينه " ؟

                                                                                                                                                                                                قلت : إلى الآيات ; لأنها في معنى القرآن ; كأنه قيل : و “ كذلك نصرف القرآن" ، أو إلى القرآن ، وإن لم يجر له ذكر ; لكونه معلوما أو إلى التبيين الذي هو مصدر الفعل ; كقولهم : ضربته زيدا ، ويجوز أن يراد فيمن قرأ : "درست ودارست" : درست الكتاب ودارسته ، فيرجع إلى الكتاب المقدر .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية