الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب الغدوة والروحة في سبيل الله وقاب قوس أحدكم من الجنة

                                                                                                                                                                                                        2639 حدثنا معلى بن أسد حدثنا وهيب حدثنا حميد عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب الغدوة والروحة في سبيل الله ) أي فضلها ، والغدوة بالفتح المرة الواحدة من الغدو وهو الخروج في أي وقت كان من أول النهار إلى انتصافه ، والروحة المرة الواحدة من الرواح وهو الخروج في أي وقت كان من زوال الشمس إلى غروبها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( في سبيل الله ) أي الجهاد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وقاب قوس أحدكم ) أي قدره ، والقاب بتخفيف القاف وآخره موحدة معناه القدر ، وكذلك القيد بكسر القاف بعدها تحتانية ساكنة ثم دال وبالموحدة بدل الدال ، وقيل القاب ما بين مقبض القوس وسيته ، وقيل ما بين الوتر والقوس ، وقيل المراد بالقوس هنا الذراع الذي يقاس به ، وكأن المعنى بيان فضل قدر الذراع من الجنة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن أنس ) في رواية أبي إسحاق عن حميد " سمعت أنس بن مالك " وهو في الباب الذي يليه ، والإسناد كله بصريون .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 18 ] قوله : ( لغدوة ) في رواية الكشميهني الغدوة بزيادة ألف في أوله بصيغة التعريف والأول أشهر واللام للقسم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( خير من الدنيا وما فيها ) قال ابن دقيق العيد : يحتمل وجهين أحدهما أن يكون من باب تنزيل المغيب منزلة المحسوس تحقيقا له في النفس لكون الدنيا محسوسة في النفس مستعظمة في الطباع فلذلك وقعت المفاضلة بها ، وإلا فمن المعلوم أن جميع ما في الدنيا لا يساوي ذرة مما في الجنة . والثاني أن المراد أن هذا القدر من الثواب خير من الثواب الذي يحصل لمن لو حصلت له الدنيا كلها لأنفقها في طاعة الله تعالى . قلت : ويؤيد هذا الثاني ما رواه ابن المبارك في كتاب الجهاد من مرسل الحسن قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا فيهم عبد الله بن رواحة ، فتأخر ليشهد الصلاة مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده لو أنفقت ما في الأرض ما أدركت فضل غدوتهم والحاصل أن المراد تسهيل أمر الدنيا وتعظيم أمر الجهاد ، وأن من حصل له من الجنة قدر سوط يصير كأنه حصل له أمر أعظم من جميع ما في الدنيا فكيف بمن حصل منها أعلى الدرجات ، والنكتة في ذلك أن سبب التأخير عن الجهاد الميل إلى سبب من أسباب الدنيا فنبه هذا المتأخر أن هذا القدر اليسير من الجنة أفضل من جميع ما في الدنيا .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية