الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب من اختار الغزو على الصوم

                                                                                                                                                                                                        2673 حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا ثابت البناني قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل الغزو فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم لم أره مفطرا إلا يوم فطر أو أضحى [ ص: 50 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 50 ] قوله : ( باب من اختار الغزو على الصوم ) أي لئلا يضعفه الصوم عن القتال ، ولا يمتنع ذلك لمن عرف أنه لا ينقصه كما سيأتي بعد ستة أبواب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لا يصوم ) في رواية أبي الوليد عند أبي نعيم وعلي بن الجعد كلاهما عن شعبة عند الإسماعيلي " لا يكاد يصوم " وفي رواية عاصم بن علي عن شعبة عند الإسماعيلي " كان قلما يصوم " ، فدل على أن النفي في رواية آدم ليس على إطلاقه ، وقد وافق آدم سليمان بن حرب عند الإسماعيلي أيضا .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( إلا يوم فطر أو أضحى ) أي فكان لا يصومهما ، والمراد بيوم الأضحى ما تشرع فيه الأضحية فيدخل أيام التشريق ، وفي هذه القصة إشعار بأن أبا طلحة لم يكن يلازم الغزو بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما ترك التطوع بالصوم لأجل الغزو خشية أن يضعفه عن القتال ، مع أنه في آخر عمره رجع إلى الغزو ، فروى ابن سعد والحاكم ، وغيرهما من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس " أن أبا طلحة قرأ انفروا خفافا وثقالا فقال : استنفرنا الله شيوخا وشبانا جهزوني ، فقال له بنوه : نحن نغزو عنك ، فأبى فجهزوه ، فغزا في البحر فمات ، فدفنوه بعد سبعة أيام ولم يتغير " قال المهلب : مثل النبي صلى الله عليه وسلم المجاهد بالصائم لا يفطر ، يعني كما تقدم في أول الجهاد فلذلك قدمه أبو طلحة على الصوم ، فلما توطأ الإسلام وعلم أنه صار في سعة أراد أن يأخذ حظه من الصوم إذ فاته الغزو ، وفيه أنه كان لا يرى بصيام الدهر بأسا .

                                                                                                                                                                                                        ( تنبيه ) :

                                                                                                                                                                                                        وقع عند الحاكم في المستدرك من رواية حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس " أن أبا طلحة أقام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين سنة لا يفطر إلا يوم فطر أو أضحى " . وعلى الحاكم فيه مأخذان

                                                                                                                                                                                                        أحدهما أن أصله في البخاري فلا يستدرك ،

                                                                                                                                                                                                        ثانيهما أن الزيادة في مقدار حياته بعد النبي صلى الله عليه وسلم غلط فإنه لم يقم بعده سوى ثلاث أو أربع وعشرين سنة . فلعلها كانت أربعا وعشرين فتغيرت .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية