الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون

                                                                                                                                                                                                                                        قوله عز وجل: كيف وإن يظهروا عليكم يعني يقووا حتى يقدروا على الظفر بكم. وفي الكلام محذوف وتقديره: كيف يكون لهم عهد وإن يظهروا عليكم.لا يرقبوا فيكم فيه وجهان: أحدهما: لا يخافوا: قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: لا يراعوا. [ ص: 343 ] إلا ولا ذمة وفي الإل سبعة تأويلات: أحدها: أنه العهد ، وهو قول ابن زيد . والثاني: أنه اسم الله تعالى ، قاله مجاهد ، ويكون معناه لا يرقبون الله فيكم. والثالث: أنه الحلف ، وهو قول قتادة . والرابع: أن الإل اليمين ، والذمة العهد ، قاله أبو عبيدة ، ومنه قول ابن مقبل:


                                                                                                                                                                                                                                        أفسد الناس خلوف خلفوا قطعوا الإل وأعراق الرحم



                                                                                                                                                                                                                                        والخامس: أنه الجوار ، قاله الحسن . والسادس: أنه القرابة ، قاله ابن عباس والسدي ، ومنه قول حسان:


                                                                                                                                                                                                                                        وأقسم إن إلك من قريش     كإل السقب من رأل النعام



                                                                                                                                                                                                                                        والسابع: أن الإل العهد والعقد والميثاق واليمين ، وأن الذمة في هذا الموضع التذمم ممن لا عهد له ، قاله بعض البصريين. ولا ذمة فيها ثلاثة أوجه: أحدها: الجوار ، قاله ابن بحر .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني: أنه التذمم ممن لا عهد له ، قاله بعض البصريين. والثالث: أنه العهد وهو قول أبي عبيدة. يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم يحتمل ثلاثة أوجه: أحدها: يرضونك بأفواههم في الوفاء وتأبى قلوبهم إلا الغدر. والثاني: يرضونكم بأفواههم في الطاعة وتأبى قلوبهم إلا المعصية. والثالث: يرضونكم بأفواهم في الوعد بالإيمان وتأبى قلوبهم إلا الشرك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرضيه من المشركين إلا بالإيمان. وأكثرهم فاسقون فيه وجهان: أحدهما: في نقض العهد وإن كان جميعهم بالشرك فاسقا. [ ص: 344 ] والثاني: وأكثرهم فاسق في دينه وإن كان كل دينهم فسقا.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية